في سياق الشريعة الإسلامية، يعد مفهوم "التعزير" أحد أهم الآليات التصحيحية والسلوكية لتحقيق العدالة الاجتماعية والنظام العام. يشير التعزير إلى التأديب القانوني الذي يتم فرضه على المخالفات غير الخاضعة لأحكام محددة ثابتة كالحدود الشرعية أو الكفارات. يستند هذا المصطلح اللغوي إلى فعل "عزَرَ"، والذي يعني الردع والتأنيب. وفي السياق الشرعي، يمكن تقسيم آراء الفقهاء حول تعريف التعزير بناءً على اتجاههم الفقهي.
ويرى الحنفية أن التعزير هو شكل من أشكال التأديب بدون تحديد حد محدد، بينما يعتبر المالكيون أنه جزء من باب الشرب المتعلق بالأضرار والعقوبات ذات الصلة. كما ينظر المذهب الشافعي إلي التعزير كتأديب بسبب ارتكاب مخالفات ليس لها حدود خاصة بها. أما الحنابلة فقد اختلفت أقوالهم لكن بشكل عام يتفقون علي اعتباره نوعا من أنواع العقوبة للجرائم غير المحكوم عليها بالحدود والفساد.
يتحقق تطبيق التعزير عندما تكون هناك خطيئة دون حد جزائي محدد ولا كفارة ملزمة دينياً، سواء كانت الخطيئة تتعلق بحقوق البشر أو حقوق الله سبحانه وتعالي. يقوم ولي الامر بفرض هذه العقوبة نيابة عن الدولة وبسلطاته الشخصية؛ فهو الوحيد المخول بإقامة التعازير إلا فيما يتصل بالتوجيه الأسرى مثل تنبيه الزوج لفروجته وزجر الطالب لتقصيره وغيرهما مما يؤثرعلى النظام الأسريأو التعليمي .وتتمثل عقوبة التعزير بما يحقق المنفعة ويلبي متطلبات المجتمع طبقا لما يرونه مناسب وملائم وفق رؤية القاضي الشرعي ؛ بعد مراعاة عوامل عدة منها طبيعة الحالة وظروف مرتكب الرذيلة وصفاتها الشخصية والإجتماعية والحاجة الملحة للحفاظ علی الأمن الاجتماعي والاستقرار العام داخل البلد الواحدة.
ومن الحكم الشرعية لإحداث نظام العقوبة التنفيذية تتمثل فی منع انتشار الفساد, وتحسين الأوضاع الداخلية للنظم السياسية،ورسم الصورة الواقعية الدقيقة للإسلام المبنية علي شموله لكافة زواياهالحياة اليومية,بالإضافةالیكون مصدر قوة للأمة الاسلامية عبر سن قوانين عقابية تتواءممع كافة الظروف الزمانية والمكانية المختلفة ،كما تسمحبتطورالعقوباتالتعزيزية باستمراريتها حسب الحاجات المستقبلية لقانون بلدمعين وحسب احتياجاتالأجيالقادمة واكتشاف ظواهرمجتمع جديدة تستوجب التدخل الحكومي للتعديلالسلوكيات وانتشار ثقافة احترام القوانين بين أفراد الشعب .
