الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم. إن موضوع زواج المسلم من اليهودية هو موضوع مهم يحتاج إلى دراسة متأنية بناءً على الأدلة الشرعية. وفقًا لقوله تعالى: "الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ" (المائدة: 5).

يُبيّن هذا النص الكريم أن الله تعالى أحل للمسلمين طعام أهل الكتاب، كما أحل لهم نكاح المحصنات من أهل الكتاب بشرط أن يكونوا محصنين غير مسافحين ولا متخذين أخدان. وهذا يعني أن اليهودية أو النصرانية التي ترغب في الزواج من مسلم يجب أن تكون عفيفة ومحصنة، أي غير فاسقة أو زانية.

وقد اتفق جمهور أهل العلم على جواز زواج المسلم من اليهودية أو النصرانية المحصنة، كما ذكر ابن قدامة رحمه الله في "المغني": "ليس بين أهل العلم، بحمد الله، اختلاف في حل حرائر نساء أهل الكتاب". ومن أبرز من روي عنهم هذا الحكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وعثمان بن عفان رضي الله عنه، وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، وغيرهم.

ومع ذلك، ينبغي التنبيه إلى أن اليهود والنصارى كفار مشركون بنص القرآن الكريم، كما قال تعالى: "اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون" (التوبة: 31). ومع ذلك، فإن الله تعالى خصص هذه الآية بقوله: "ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن"، مما يعني أن نكاح اليهودية أو النصرانية المحصنة مخصص لهذا العموم.

ومع ذلك، ينبغي للمسلم أن يتحرى الحذر عند زواج المسلم من اليهودية أو النصرانية، خاصة في هذا الزمن الذي قد يميل فيه القلب إلى الزوجة غير المسلمة. كما قال ابن قدامة رحمه الله: "إذا ثبت هذا، فالأولى أن لا يتزوج كتابية؛ لأن عمر قال للذين تزوجوا من نساء أهل الكتاب: طلقوهن".

وفي الختام، يجب على المسلم أن يتحرى الحلال في زواجه، وأن يبحث عن