مراحِل خلْق الإنسان بين الوحي والعلم الحديث

التعليقات · 3 مشاهدات

في رحلة الحياة، يمرُّ كل إنسان بمراحل عديدة منذ لحظة تكونِ الجنين وحتى بلوغه مرحلة النضج. هذه العملية المعقدة التي يُشار إليها باسم "خلق" الإنسان مرشح

في رحلة الحياة، يمرُّ كل إنسان بمراحل عديدة منذ لحظة تكونِ الجنين وحتى بلوغه مرحلة النضج. هذه العملية المعقدة التي يُشار إليها باسم "خلق" الإنسان مرشحة للدراسة والتأمل سواء ضمن نطاق العلوم الطبيعية أم النظر إلى تعاليم الدين الإسلامي. يشير القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بشكل واضح ومفصل إلى كيفية وخَلْق هذا الكائن الفريد. سوف نتعمَّق أكثر هنا لنستعرض كيف تتفق الحقائق العلمية مع ما جاء به الوحي الإلهي.

تبدأ الرحلة البيولوجية للإنسان بحدوث عملية تلقيحٍ مؤدية لتكوين البويضة المخصبة والتي بدورها تنقسم لتصبح جنيناً. وفي الشهر الثالث تقريبًا من الحمل، تبدأ الأعضاء الرئيسية للجنين بالتشكيل - القلب والأعصاب والدماغ وغيرها -. بحلول نهاية الثلث الثاني للحمل، يتم تشكيل معظم الهيكل الخارجي والداخلي للجسم. خلال الأشهر القليلة الأخيرة قبل الولادة، يحدث نمو سريع وزيادة كبيرة بالحجم بالإضافة إلى تطوير الوظائف الحيوية مثل الرئة والقلب والكبد. وفقا لما ذكره الله تعالى في كتابه العزيز:"إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا". [الإنسان:2]

وبينما يواصل الجنين نموه داخل الرحم، يستعد الجسم الأم للحظة الولادة عبر تحضير نفسه لإطلاق هرمونات تساعد على توسيع قناة الولادة وتسهيل مرور الطفل خارج جسم الأم. بعد ولادته مباشرة، يواجه الطفل العديد من التحديات الجديدة كالحاجة للتكيف مع بيئة مختلفة تمامًا عن تلك التي عاش فيها سابقاً. ومع ذلك، تمتلك أجسام الأطفال القدرة الفائقة على التأقلم بسرعة مذهلة حتى لو كانت ظروف وجودهم غير متوقعة أو مضطربة بعض الشيء عند الميلاد المبكر مثلاً. إن قدرة الخالق سبحانه وتعالى واضحة للغاية حين يفسر لنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم قائلا: «إن أحدكم يُجمع خلقه في بطن أمه...». رواه مسلم. وهذا يعكس مدى دقة وصف الرسول الكريم للمرحلة الأولى من حياة البشر وكيف أنها تُختزل بكلمة واحدة فقط وهي جمع الخلق!

مع تقدم العمر للأطفال نحو سن الطفولة والمراهقة وبداية الشباب، فإن تغييرات جسمانية ونفسية أخرى تحدث أيضًا مما يؤثر على الشخصية العامة للشخص وعلى نظرتنا للعالم المحيط بنا. تجدر الإشارة هنا أنه رغم اختلاف الثقافات والمعتقدات الدينية حول العالم بشأن تفسيرات مختلف جوانب مسيرة الحياة، إلا أنه بالإمكان ملاحظة توافق بين التعاليم المقدسة والنظريات العلمانية الحديثة فيما يتعلق بتطور البشر واستمراريتها لفترة زمنية طويلة جداً نسبياً مقارنة بأنواع أخرى كثيرة من الحيوانات الأخرى الموجودة على سطح الأرض حالياً. ومن اللافت حقاً لهذه المشابهة المُدهشة عندما نفكر مليئًا برحلتنا الذاتية الخاصة كوحدة عضوية كاملة وليست مجرد مجموع لأجزاء مُنفصلة بذاتها كما تصوره البعض! لذلك؛ تبقى حقيقة كون "الخالق وحده هو الذي يعرف أسرار خلقه"، دليل قاطع على كمالات حكمته عز وجل وسلطانه القدير.

التعليقات