دولة الخلافة الإسلامية عبر التاريخ الإسلامي: نظام الحكم المتسامي بالعدالة والشرعة

التعليقات · 2 مشاهدات

منذ ظهور دعوة الإسلام ومعركة بدر الأولى، بدأت فكرة دولة الخلافة تتبلور بشكل واضح عندما تسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولاية الأمر خلفاً لنبي الرحمة

منذ ظهور دعوة الإسلام ومعركة بدر الأولى، بدأت فكرة دولة الخلافة تتبلور بشكل واضح عندما تسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولاية الأمر خلفاً لنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم. لقد مهد المسلمون الأوائل الطريق لدولة فريدة لم يشهد التاريخ مثلها، تجمع تحت ظلالها مختلف الشعوب والثقافات ضمن هدف سام وهو نشر رسالة السلام والدين الإلهي.

الدولتين الأبرز خلال فترة الخلافة هما:

الخلافة الراشدة (632-661م):

في هذه الفترة الزاهرة، ترأس كل من أبي بكر، عمر بن الخطاب، عثمان بن عفان، علي بن أبي طالب -رضي الله عنهم جميعا- زمام أمور المسلمين. أسس هؤلاء الصحابة الكرام قواعد العدالة الاجتماعية، حيث ألغى الضرائب الباهظة وحظر الاستعباد العنصري واستحدث نظاما شاملا للرعاية العامة بما فيها الرعاية الصحية والحماية الاجتماعية وغيرها الكثير مما يعد اليوم حقوقا اساسية للإنسان.

الدولة الأموية (661-750م):

بعد وفاة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، توج عبد الملك بن مروان خليفةً جديدا ليلقي بثقل سلطانه على الشرق الأوسط والعالم المعروف آنذاك. شهد عصر بني أمية توسعا جغرافيا واسعا لتمدد حضن الخلافة ليضم دول المغرب وإيران شمال أفريقيا وغرب آسيا بالإضافة للمدن المقدسة بمكة والمدينة. ورغم خلافاته السياسية الداخلية إلا أنه حافظ بشدة على هيكل الجهاز الحكومي المقاس بالحكمة والقانون الشرعي الموحد وفق شريعة القرآن والسنة المطهرة.

الدولة العباسية (750-1258م):

تولى آل عباس السلطة عقب انتفاضتهم ضد بني أمية مدفوعين بتأييد شعبي كبير ونظرة جديدة للحكم مستوحاة من جوهر الدين نفسه والتي حملت اسم "العراق". قام هذا العصر بإعادة تشكيل النظام الإداري وتحسين جوانبه الاقتصادية والفنية والفلسفية فضلاً عن بروز العديد من العلماء والمفكرين الذين أثروا الحضارة الإنسانية جمعاء بفلسفات عميقة وصلت لأوروبا لاحقا عبر جهود مترجمي بغداد مثل بن رشد وابن رشد وابن سينا وغيرهم ممن برزوا بوحي من روح العلم والمعرفة لدى مسلمي تلك الحقبة الزاهر.

الدولة العثمانية (1299-1924):

امتدت حكم العثمانيين لما يقارب ست قرون متواصلة حتى انهيارهما نهائيّا بعد الحرب العالمية الأولى وتغيير طبيعة المنطقة سياسياً واقتصادياً وثقافياً نحو ما يعرف الآن بالعالم الحديث. اعتبرت السلطنة العثمانية آخر سلطة مسلمة مركزية منذ بداية القرن الرابع عشر الميلادي وحتى سقوطها النهائي نتيجة تداعيات واتفاقيات سايكس-بيكو المبرمة عام ١٩١٦ والتي رسمت خارطة سياسية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط قديمة قدم البشرية ذاتها!

وفي نهاية رحلة تاريخ الخلافة الطويل، يبقى تأثيرها بارزا ومستمرا ليس فقط داخل مجتمعاتها الدينية ولكن أيضا حول العالم الكبير باعتبارها تجربة رائدة لحكم قائم على أساس العدالة والمساواة والحفاظ المستمر لشريعة رب العالمين التي أكرم بها الإنسان بغاية التعايش بسلم وأمان تحت مظلة واحدة تقودها عدالتها وصفائها الأخلاقي إنطلاقا مما ذكره جل جلاله في كتابه العزيز {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}.

التعليقات