وفقًا للعلماء المسلمين، بلغ عدد السور المدنية في القرآن الكريم عشرين سورة كاملة. هذه السور نزلت جميعها أثناء وجود النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مدينة يثرب (المدينة المنورة)، بعد الهجرة منها إلى مكة المكرمة. تتميز هذه السور بتضمنها للأحكام الشرعية والفقهية والتشريعات الاجتماعية والدينية. تشمل هذه السور الكريمة: البقرة، آل عمران، النساء، الأنفال، التوبة، الحجرات، الحديد، المجادلة، الحشر، المائدة، الأحزاب، الفتح، المنافقون، الجمعة، الطلاق، النور، الممتحنة، التحريم، والشورى والنصر.
تتمتع السور المدنية بميزات مميزة تساعدنا على التعرف عليها بسهولة مقارنة بالسور المكية. أولاً، تركز بشكل أساسي على تعليم الدين الإسلامي من خلال تفصيل التفاصيل حول الوضوء والصلاة والصيام والحج والعمرة وغيرها من الشعائر الدينية الأخرى. كما أنها تتحدث كثيراً عن اليهود والنصارى والمنافقين داخل المجتمع المسلم حديث الولادة آنذاك. بالإضافة لذلك فإن السور المدنية تحتوي أيضاً على أحكام الجهاد والإرشادات الخاصة بالقانون العام للحفاظ على النظام الاجتماعي واستقرار الدولة الناشئة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
يتبين لنا مدى أهمية فهم الفرق بين السور المدنية والمكية عندما ندرك تأثيرات عدم القيام بذلك. فقد يؤدي الغموض حول تاريخ نزول الآيات المختلفة إلى لبس بشأن القضايا الرئيسية مثل نسخ الأحكام الشرعية (ناسخ ومنسوخ). كما أنه قد يقود أيضًا إلى سوء فهم للتدرج الطبيعي والتطور التدريجي للمبادئ الإسلامية عبر الزمان والمكان. علاوة على ذلك فهو يشوه الصورة العامة للإسلام ويضر بقدرتنا على عرض رسالتنا الدينية للعالم الخارجي بطريقة واضحة ومؤثرة. وفي المقابل يساهم ربط وقت وروعة كل آية بحكمة وعبر زمانها في توضيح المشروع الرباني الشامل ويساعد دعاة الإسلام اليوم في توجيه دعواتهم نحو أفراد مجتمعات مختلفة بناءً على احتياجاتهم وظروف حياتهم الخاص بهم.
