بدأ عصر الخلافة الراشدة مع وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم عام 632 ميلادي واستمرت حتى العام 661 ميلادي. خلال هذه الفترة الزمنية البالغة حوالي ثلاث وثلاثون سنة تقريبًا، شهد العالم الإسلامي نموًّا مذهلاً في جميع المجالات السياسية والدينية والعسكرية والإدارية والثقافية. وقد تولّى شأن القيادة فيه أربعة خلفاء راشدين هم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب عليهم رضوان الله تعالى ورحمته.
استغرقت فترة خِلافَة أبي بكرٍ المصطفى أقلُّ فترة زمنيّة بين هؤلاء الحكام وهي اثنتا عشرة سنة، بدءاً من الهجرة النبوية إلى المدينة المنورة مروراً بتوحيد العرب وتوسيع الدولة الإسلامية شرقاً وغرباً وانتهاء بمواجهة الردّة بعد وفاة النبي الكريم. أما عمر الفاروق فقد حظيت ولايتُه بخمس عشرة سنة رائعة تميزت بسياساته المحكمة وإصلاحاته الجذرية التي ساهمت بشكل كبير في ترسيخ مبادئ العدل والإحسان ضمن المجتمع الإسلامي الناشئ آنذاك.
ثم جاء دور عثمان ذو النورين والذي حكم لثلاث عشرة سنة مليئة بالإنجازات الدبلوماسية الهائلة مثل فتح مصر وفارس وبناء المسجد الأموي في دمشق بالإضافة لإصدار أول نسخة موحدة للقرآن الكريم مما جعل دوره السياسي والديني مميزاً ومؤثراً للغاية. أخيراً وليس آخراً، كانت ولاية علي ابن عم الرسول الأعظم آخر مراحل الحقبة الرشيدة والتي امتدت لمدة خمس سنوات فقط بسبب الظروف الاستثنائية والصراعات الداخلية التي عصفت بالمجتمع الإسلامي القديم حينها مما أدى لتسريع رحيل هذا الخليفة الأخير ومعه انتهى رسمياً النظام الشوري التوافقي لصالح نظام الحكم الملكي الوراثي فيما بعد.
بهذه الطريقة القصيرة نسجت حياة الخلفاء الراشدين قصة نجاح مبهرة عبر التاريخ الإنساني جمعاء، فعلى الرغم من قصر فترات حكمهم مقارنة بالحقب الأخرى لاحقا، إلا أنها حملت بذور دولة إسلامية شامخة تجسدت فيها روح العقيدة والمبادئ الربانية للعيش المشترك والتسامح العالمي وفق منظومة مرجعيتها الدين والشريعة الغراء.