إن فعل الخير ليس مجرد واجب ديني فقط، ولكنه أيضًا مصدر للسعادة والاستقرار الداخلي للفرد، بالإضافة إلى تعزيز الوحدة والتلاحم بين أفراد المجتمع. يأتي إعلان القرآن الكريم في الآيات التالية ليؤكد أهمية أعمال البر وخيرية النتائج التي يمكن تحقيقها منها: "(وما تقدمُوا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا) [المزمل:20]. إن منافع القيام بالأعمال الصالحة تتعدد وتتنوع؛ فهي تساهم في صلاح النفس وتحقيق طمأنينة القلب، وفي الوقت نفسه تعكس شخصيتنا أمام الآخرين كمجموعة من الأفراد الذين يساهمون بشكل فعّال في رفعة مجتمعاتهم.

عمل الخير له مظاهر عديدة ومتنوعة تشمل خدمة الوالدين وصلة الأرحام والإبتسامة وحسن التعامل مع الناس ورعاية الفقراء والمساكين والدفاع عن حقوق الأطفال اليتيمين. كذلك تعتبر عمليات الزراعة في المناطق الصحراوية وخلق بيئة حضارية آمنة للأسر النازحة جزء أساسي من الأعمال الإنسانية. ولا يقتصر الأمر اليوم على تقديم الدعم المادي فقط، بل يشمل أيضا تقديم المشورة والنصح والحلول لمشاكل الآخرين مما يعود عليهم بالنفع الأكبر.

ومن ثم تأتي ثمار تلك الأفعال الطيبة لتظهر فيما يسميه البعض "القانون اللاواعي": كلما قدمت شيئًا جيّدًا لأحد، ستجد بدوره مستعدًا لدعمك وقت حاجتك لذلك الدعم. وهذا مثال حي لمنطق الدائرة الطيبة حيث يعمل الفعل الطيب كعامل جذب للحسنيات الأخرى. علاوة على ذلك، تكمن إحدى أهم مكافئات أداء الواجب الاجتماعي في الحصول على رضى الذات وثقة نفسه واحترامه لنفسه عندما يؤدي فرضا أو نية حسنة تجاه الغير.

وقد أكدت الشريعة الإسلامية منذ نشوئها على قيمة الصدقة والإيثار باعتبارهما أساس بناء أمم مستقرة ومستدامة. وبالتالي فقد اعتبرت الشعوب المسلمة ذات يوم بأنها "أمّة الخير". ويعود الفضل جزئيّا لهذه الصورة المرتبطة بالإنسانية والإيجابية نتيجة لما قدّمته الدولة الأمويّة وما تبعتها لاحقا عبر التاريخ الإسلامي المبهر والذي تميز بحركة الرحالة والمتعبدين والباحثين عن العلم -جميعهم كانوا يسافرون ويقدمون خدمات متنوعة أثناء سفرهم ولوقت تواجد بالمكان ذاته -حيث تركوا بصمة واضحة من خلال اهتمامات سد احتياجات جميع طبقات الشعب المحلي بمختلف الطباعات الاجتماعية والجغرافية والثقافية لهم.