تُعتبر ساعة مكة، التي تحدوها أبراج البيت الشهيرة، معلمًا بارزًا ليس فقط في سماء مدينة مكة المكرمة ولكن أيضًا ضمن قائمة أبرز المعالم العالمية. تم تصنيع هذا الانجاز الهندسي الضخم لإظهار عظمة المدينة المقدسة وتسهيل أداء الشعائر الدينية لجميع الزوار.
تم إنشاء الساعة بموجب توجيه ملكي كريم من خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، بهدف جعل الرؤية والصوت متاحين لأداء الفرائض الدينية لكل من حول الحرم المكي الشريف، بغض النظر عن موقعهم. وتمثل الساعة عملا فنيا هندسيا رائعا بفضل تصميمها المتقن والمواد المستخدمة فيها والتي تعكس التقنية الحديثة.
ترتفع ساعة مكة نحو السماء بما مجموعه حوالي 600 متر فوق مستوى سطح البحر؛ مما يجعلها واحدة من أعلى البنايات في العالم. تتكون الساعة من جزأين رئيسيين هما جزآن تواجهاني يواجهان مباشرة الحرم المكّي وجزآء شرقياً وغربياً لهما مميزات فريدة. الجزء الشرقي والغربي أقصر قليلاً ولكنه أكثر اتساعاً، بينما الجزآن الأماميان الأكثر بروزاً وطولاً تقريباً ضعف الطول الأفقي. كل جزء يزن عدة طنان ويتضمن آلاف المصابيح القوية المنتشرة بشكل دقيق لتوفير الإضاءات اللازمة للإعلان عن انتهاء الوقت المناسب للأدعية اليومية.
يتميز التصميم الاستثنائي لساعة مكة بأنها ليست مجرد مؤقت رقمي بل إنها تحفة معمارية تحمل رسالة روحية عميقة. فبالإضافة إلى كونها إحدى أكبر الساعات شمولاً، فإن حرص واضعي المشروع على كتابة اسم "الله" بكل حرف حرف كبير واضح في كافة زوايا الساعة يعكس الروح الإسلامية والتزام العقيدة الراسخ لدى الشعب السعودي.
وفي الليل ومع حلول موعد الآذان، تنطلق تلك الإشارات البصرية والدلالات الصوتية المقترنة بهالتأكيد أهميتها باعتبارها رمزا للتواصل بين البشر وخالقهم. تضمن قدرة ساعة مكة البالغة ١٧ كم لنقل صوت المؤذن وضوء الأعلام المرئية لمسافة حتى ثلاثين كيلومتراً فرص الوصول إلى الجميع الذين ينشدون التعرف على توقيت الصلوات ذات الخمس مرات في الإسلام. كما تساهم هذه المنشأة الرائدة بتقديم خدمات مهمة مثل خدمة الأشخاص ذوي القدرة السمعية المحدودة إضافةً لكشف حدود المكان وزمان المكان بطريقة مبتكرة وغير تقليدية سابقاً.
إن وجود ساعة كهذه ليس فقط يشير للقوة الاقتصادية والثراء الثقافي للسعودية وإنما أيضا يحل مشكلة ملحة بالنسبة لمئات ملايين المسلمين حول العالم ممن يحتاجون لأخذ القطارات والحافلات والرحلات الجوية غير المنتظمة أثناء عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين - فتلك هي الفترة الوحيدة التي تُفتح بها الحدود لدخول البلاد المقدسة لأداء شعيرة حج بيت الله الحرام. لذلك تعد ساعة مكة جسرا بين الماضي والتقدم المستقبلي مع المحافظة على الهوية التاريخية للدولة المضيفة للديانة الإسلامية الأولى وبمثابة شهادة للعلاقة الوثيقة بين العلم والمعرفة والإيمان.