مدينة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المدينة المنورة، كانت موطنًا لليهود خلال فترة مهمة من تاريخها الإسلامي المبكر. وفقاً للمصادر الإسلامية، يُذكر وجود مجتمع يهودي صغير يعيش في المدينة قبل هجرة النبي محمد إليها. بعد الهجرة النبوية الشريفة عام 622 ميلادية، ازداد العدد بشكل طفيف لكن العلاقات بين المسلمين واليهود ظلت معقدة ومليئة بالتحديات والصعوبات.
في عهد الخلفاء الراشدين، ومع بداية الفتوحات الإسلامية، واصلت الجالية اليهودية الوجود في المدينة المنورة. رغم اختلافات العقيدة الدينية الواضحة، إلا أنهما شاركا في العديد من جوانب الحياة اليومية مثل التجارة والتبادل الثقافي. ويعد كتاب "سيرة الرسول - ابن هشام"، مصدر مؤثر للإدلاء برأي حول هذه الحقبة، حيث يوضح كيف تعايشت مجموعتا السكان ضمن إطار اجتماعي متنوع ومتعدد الأعراق والدين.
ومع ذلك، شهد القرن الأول للهجرة تحولات كبيرة أثرت على وضع اليهود في المنطقة. فبعد غزوة بني قينقاع الشهيرة، بدأ نفوذ اليهود يتضاءل تدريجياً. وعلى الرغم من الحفاظ على بعض القرائن التي تشير إلى تواجد لهم حتى زمن الأمويين والعباسيين، فإن الأدلة الأثريّة والفوتوغرافية تُظهر انخفاضاً كبيراً في عددهم وحضورهم داخل المجتمع المحلي مقارنة بفترة ما قبل الإسلام مباشرةٍا.
ومن الجدير بالذكر هنا دور الباحثين المعاصرين الذين شرعوا بدراسة هذا الجانب الغني للتاريخ الإسلامي واسع المدى. فقد سلط المؤرخون الحديثون الضوء أكثر فأكثر على دينامية العلاقة بين المسلمون واليهود خلال تلك الفترة الحرجة من الزمن مما ساعد الكثير من الناس لفهم أفضل للدروس المستخلصة من الماضي وتأثيرها الحالي على التعايش الاجتماعي والثقافي المتنوع. وبالتالي، تحتفظ مدينة رسول الله بمكان خاص في قلوب الجميع باعتبارها رمزاً للألفة والحوار رغم الاختلافات الفلسفية والعقائدية الموجودة دائمًا ولكن بإمكانها التحول إلى فرص للتعاون والتسامح عندما يتم التعامل بها بحكمة واحترام مشترك للقيم الإنسانية المشتركة.