يعدّ النبي إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- أحد أهم الشخصيات الدينية في الإسلام والإبراهيمية بشكل عام؛ فهو أبو الأنبياء وأحد أولئك الذين اختارهم الله تعالى لنشر رسالته السماوية للعالمين. تُعتبر حياة هذا الرجل العظيم مليئة بالأحداث المؤثرة والمعجزات التي تحكي قوة إيمانه وتعظيمه لربه الواحد القهّار. وفي هذه الرحلة الروحية نحو فهم أكثر عمقاً لسيرته المباركة وسلوك خطاه الطاهرة، سنستعرض بعض المواقع المقدسة المرتبطة بنبيِّنا الكريم والتي تحتل مكانة خاصة لدى المسلمين حول العالم وهي "مقام سيدنا إبراهيم".
تُعتبر المدينة المنورة مكان ولادة نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وطريق هجرته الأولى نحو مكة المكرمة، كما أنها تضم العديد من الآثار التاريخية المتعلقة بسيرته النبوية وصحابته رضوان الله عليهم. ومن بين تلك المواقع البارزة يمكننا الحديث عن مسجد قباء والذي يمثل بداية الهجرة المحمدية ثم المسجد النبوي الشريف المطل على قبره المطهر وصاحبه أبي بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله عنهما. ومع ذلك فالمكان الرئيسي لمقام رسول الله الحبيب هو داخل الحرم المدني حيث يوجد بالقرب منه جبل أحد المعروف بمقاومة المسلمين لهجمات المشركين وسيفهم المطرز بالذهب الذي استخدمه الرسول أثناء غزوة تبوك وغيرها الكثير مما يشهد عظمة دوره ودوره الريادي كرسول رحمة للعالمين.
أما بالنسبة لما يسمى بمقام سيدنا إبراهيم فعادة ما يتم الخلط بينه وبين موقع آخر ذو طابع ديني هام للغاية وهو الكعبة المشرفة. لكن يجب التنويه هنا بأن مقر إقامة الأب إبراهيم ليس بالحقيقة ضمن حدود البيت الحرام ولكن خارج أسوار مكة تجاه الجنوب الغربي تقريبًا باتجاه مشارف الجبل المحيط بها. وقد تجلى وجوده هناك من خلال آثار القدم التي تركها حين رفع أساسات بيت الله الحرام عندما أمره الرب بذلك بناءً لأوامره الإلهية الواردة في القرآن الكريم فيما يعرف مثل قصة إسماعيل وابنه وكيف أصبحا بعد مساعدة بعضهما البعض جسراً علوياً فوق أرض الواقع يصل الأرض بالسماء بحسب حديث النص القرآني.
ومنذ زمن بعيد حتى يومنا الحالي يعد مكان تواجد قدمي الصحابي الجليل عبد الله بن الزبير محل احترام وتقديس كبير عند زائريه ممن يأتون إليها محتفلين بإنجازات فتاوى أهل العلم بشأن مشروعيتها واستحقاقها للصلاة فيها باسم صحابيا رسول الله الأكرمان المجاهدان الاثنان معًا. كذلك فإن جزء صغير جدا فقط من حجرات بيت الله القديم الأصلية مازال قائماً إلى وقتنا الحالي مع الأخذ بعين الاعتبار عمليات توسعة أخرى حديثة تمت مؤخراً لتوسيع المساحة الداخلية للحرم المكي الشريف بشكل مضاعف عدة مرات. لذلك تعد إعادة تشكيل المبنى السابق وتحويل معظم قسماته القديمة إلى مناطق مفتوحة جديدة لحركة داخله مشروعا دينيا مفيدا للمصلين وزوار المنطقة المقدسة كافة أثناء أدائهم لفرائض ضيف الرحمن السنوي الكبير والمتمثل برحلة عمرة وحج سنوية للسعوديين وجميع المسلمين المعتنقين للإسلام عبر مختلف أنحاء العالم الإسلامي والعالم أجمع أيضا.
وفي ختام هذه المقالة القصيرة نسأل رب العالمين رحمته وغفرانه لكل من اهتم بدراسات الدين وتمحيصه ونشره بهدف تثبيت العقيدة والعمل الدؤوب بتعاليم شريعة رب البرية وخالق الإنسان والأرض كلها وما عليها وعلى وجهها أيضًا وذلك متمثلا بروحانيتة وصفائه الخاصتين بكل مسلم قادر حقا علي فهم وإدراك جمالية التفاني والتضحية والصبر التي كانت تتمتع بها شخصيات عظيمة كالوالد السامي ورأس الأنعام جميعا نبينا إبراهيم عليه وسلم واسلاماه دائما!