مسجد السيدة نفيسة، أحد أهم المعالم الدينية والثقافية في جمهورية مصر العربية، يقع تحديداً في العاصمة الجميلة، القاهرة. يعود تاريخ تأسيسه إلى العام ١٣٩٤ هجريًا/١٨٧٨ ميلاديًا، مما يجعله واحداً من أقدم المساجد في المدينة. الموقع الاستراتيجي للمسجد جعل منه محطة رئيسية لكل زائر إلى القاهرة. يضم المسجد ضريح السيدة نفيسة، إحدى نساء بيت النبي الكريم، بالإضافة إلى ضريح السيدة جوهرة، والتي كانت خدمتها للسيدة نفيسة معروفة وعظيمة. يتميز المسجد بمداخل منفصلة للرجال والنساء، ويؤدي ممر طويل نحو مقام السيدة نفيسة المقدس. تضم القبة النحاسية فوق المقام رمزًا لتاريخ المسجد الغني والمكانة الروحية التي يحتلها لدى المؤمنين.
السيدة نفيسة، ذات الأصل الشريف كابنة للحسين بن زيد الهاشميين، ولدت في مكة المكرمة لكنها اختارت مصر مسقط رأس لها منذ حوالي ثمانمائة وخمس سنوات. عاشرت المجتمع المصري بحكمة ومعرفة عميقة بالعقائد الإسلامية والفقه والتفسير. لقد كانت امرأة ملتزمة ومتعبدة بشكل كبير حتى آخر لحظة من حياتها عندما توفيت صائمة أثناء قراءة آيات قرآنية مطمئنة تؤكد دخول الجنة لأولائك الذين يعملون الصالحات. وافقت روحها الطاهرة إلى بارئها المبارك في السنة ٢٠٨ هجرية/824 ميلادية.
لم يكن البناء الحالي لمسجد السيدة نفيسة موجودًا عند وفاة هذه القديسة العظيمة مباشرة. بدلاً من ذلك، فقد بدأ تشييده بعد قرون كتذكير دائم بإرثها المبارك تحت إشراف مختلف حكام الدولة العثمانية وبمساعدة العديد من الأمراء والأعيان خلال تلك الحقبة الزمنية. الجدير بالذكر هنا دور الخديوي عباس باشا الثاني الذي لعب دوراً محورياً في إعادة بناء المسجد وضريحه بما يشبه شكليهما الحاليين خلال القرن الرابع عشر الهجري /التاسع عشر الميلادي والذي ما زالا قائمين حتى الآن ويعكسانهما مدى المحبة والعرفان لهذه الشخصية المقدسة بين أهل المنطقة بكل احترام وإجلال.
