ظهرت الفلسفة الإسلامية نتيجة لعدة عوامل تاريخية وفكرية، حيث لعبت الترجمات دورًا محوريًا في نقل المعرفة الفلسفية اليونانية إلى العالم الإسلامي. بدأت هذه الرحلة مع الترجمات العربية للنصوص الفلسفية الإغريقية، والتي نقلت إما مباشرة من اليونانية أو عبر السريانية. لم يكن الفكر الفلسفي محل ترحيب دائمًا من أهل السنة، مما دفع بعض المفكرين المتأثرين بالفرق، وخاصة الشيعة، إلى تبني الأفكار الغنوصية الهلينية والإيرانية.
كان لفارس، منذ عصر الإسكندر، تأثير كبير على الجوانب الدينية والفلسفية في الجزء الشرقي من حوض البحر المتوسط. عرف المسلمون الذين يتحدثون العربية الفلسفة الإغريقية من خلال أرسطو، الذي يعتبرونه الأوج الذي بلغته هذه الفلسفة. لم تكن الأفلاطونية الجديدة بمنأى عن التأثير الأرسطوي أيضًا. اتخذت الفلسفة عند العرب شكل التوفيق، وهو شكل ظهر لدى الرواقيين الذين أتوا بعد أعلام الفلسفة الإغريقية الكبار.
كان للترجمات الأهمية الأولى في نشأة الفلسفة الإسلامية، ولكن مولدها يرجع أيضًا إلى أن القائمين على الترجمة كانوا من المفكرين الأصلاء. كانوا يذيلون الترجمة بعمل أصيل من تأليفهم، إما أنه شرح أو تعليق. ومن هنا، التقط قسط بن لوقا اللغة الاصطلاحية التي وردت في الترجمات واستفاد منها في تآليف من وضعه.
لم تكن مصطلحات الفلسفة الإسلامية تدون على سبيل التدريب اللغوي البحت. اكتسبت الفلسفة الإسلامية نوعًا من تحديد الملامح حين اضطلعت بمهمة تجمع بين الترجمة والشرح أو التعليق والتأملات الشخصية والأمثلة التطبيقية. يمكن تسمية هذه المرحلة بالطور السينوي نسبة إلى ابن سينا، حيث تحددت ملامحها في الشرق من القرن الثالث هـ/ التاسع م وحتى الخامس هـ/ الحادي عشر م على يد الكندي والفارابي وابن سينا.
في هذا الطور، تميزت الفلسفة الإسلامية بكونها مزيجًا مركبًا من الميتافيزيقا المستمدة من الأفلاطونية الجديدة، والعلم الطبيعي والتصوف، أي أفلوطين مضافًا إليه جالينوس وأبو قليس. هذا الطور من الفلسفة الإسلامية يتميز تميزًا تامًا عن علم الكلام السابق عليها عند المعتزلة.
بهذا الشكل، ظهرت الفلسفة الإسلامية كحركة فكرية فريدة تجمع بين التراث اليوناني والإسلامي، وتستمد قوتها من التفاعل بين الترجمة والتأمل الأصيل، مما أسهم في تشكيل هويتها الفريدة وتطورها عبر العصور.