في رحلتنا عبر الحياة الدنيا، يسعى كل إنسان إلى سعادة دائمة وراحة مطلقة. فذلك ما وعد الله عز وجل المؤمنين الصالحين بالدخول فيها - جنات الفردوس. هذه الجنات ليست مجرد مكان للنعيم الخالد حسبما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة؛ بل هي نتيجة مباشرة لعمل الخير وتقوي الله والالتزام بتعاليم الإسلام.
تبدأ الرحلة نحو جنات الفردوس بالتوبة النصوح والتوجه الصادق لله سبحانه وتعالى. قال تعالى في سورة الفرقان: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ". هنا يشدد الله على أهمية التوبة كخطوة أولى نحو حياة أفضل ودخول الجنان. تتضمن التوبة الصدق مع النفس والاستعداد لتغيير الأفعال والأفكار التي تخالف تعاليم الدين الإسلامي.
بعد ذلك يأتي دور العمل بالأعمال الصالحة. كما ذكر رب العزة في سورة الأنعام: "مَن عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً...". يشير هذا الآية الكريمة إلى أن الأعمال الصالحة تشمل جميع جوانب الحياة اليومية مثل بر الوالدين وصلة الرحم والعدل والحفاظ على حقوق الآخرين واحترام القوانين الشرعية وغيرها الكثير مما جاء به ديننا الحنيف.
كما يلعب التقرب إلى الله وطاعته دوراً رئيسياً في تحقيق الأمنيات بالنعيم الأخروي. إن الإخلاص في العبادات وتمسك المرء بشرع الله هما مفتاح دخول المغفرة والمغفرة تشكل أساساً لبناء الطريق إلى الجنة. يقول عليه السلام: «إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي». وهذا يدل على أنه عندما نعتقد إيماناً صادقاً بأن الله معنا ومعافي فسوف يجازينا خير الجزاء يوم القيامة.
وفي النهاية، فإن الاستقامة والدوام عليها طريق أكيد للجنة سواء كانت استقامتنا في التعامل مع الخالق أم مع خلقه. إنها سفينة نوح ومن اتبعه هوت من الغرق وحياة البرزخ وهواء التنفس بعد الموت وبعد الحياة الدنيوية القصيرة تماما كاللحظة بالنسبة للحياة الأخرى الطويلة المديدة. لذلك دعونا نتذكر دائماً قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد حبشي...» إذ يعتبر هذا الحديث دليل واضح لنا حول ضرورة طاعة ولي الأمر واتباع شرعه لما فيه صلاح المجتمع واستقرار الدولة الإسلامية. وبالتالي ستكون طريقנו للاستمتاع بحياة طيبة ومباركة ليس فقط في الدنيا ولكن أيضا للأبد في دار السلام وهي جنات الفردوس الأعلى.