في رحلة البحث عن الذات وفهم طبيعة الكائن الإنساني، نجد مسألتين رئيسيتين مستخدمان بكثرة هما 'الروح' و'النفس'. وعلى الرغم من ارتباطهما الوثيق في بعض السياقات الدينية والفلسفية، فإن لكلٍ منهما خصائص ومعاني فريدة تحدد دورهما ضمن بنيان الإنسان.
وفق المنظور الإسلامي، تعتبر الروح من أهم خلق الله وأكثرها قدسيةً. وهي مقيدة تماماً بخالقها، كما يشير الآية القرآنية: "فعندما أكملت خلقتك ونفخت فيها روحي، استسلم لها ساجداً". تشير هذه الآيات إلى جمال وروعة الروح التي خصها الخالق بحكمته ورعايته الخاصة. ليس فقط في إنشاءها وإنما أيضاً فيما يخص معرفتها والتي هي حكر عليه وحده. لذلك فإن طبيعتهم الغامضة تبقى خارج نطاق البشر لفهمه.
من الجانب الآخر، يمكن الاستشهاد بفلاسفة مثل أفلاطون وأرسطو الذين حاولوا تصنيف مفهوم الروح وتوضيح تركيبها. رأى أفلاطون بأن الروح تجتمع من عناصر متعددة كالروح والمادة والإرادة، بينما اعتبر أرسطو الروح المحرك الرئيسي للحياة المتجسدّة ومتماسكة مع الجسم وليست مستقلة عنه.
وفي حين تحمل كلمة 'نفس' مجموعة واسعة من المعاني في مختلف الثقافات والمعتقدات - بدءاً من دم الانسان وحتى جنسه - غالبًا ما يتم استخدامها كمرادف للروح. ولكن هذا المصطلح أكثر تحديدًا في بعض الاستخدامات الأخرى عندما يشير للجسم الحيواني للإنسان بوصفه ككل متحد مع أجزائه المختلفة (مثل القلب والعقل). بالإضافة إلى ذلك ، يمكن الاكتشاف بأن مصطلح "النفس" ذكري وغير ذكري بناءًا على كيفية استخدامه.
وبحسب علماء الدين والشريعة الإسلامية فالروح ليست نفسًا مادية بل روحانية نقية تربط الكائن الحي بالعالم الروحي وتكون جزءًا أساسيًا من عملية الحياة بعد الموت خلال مرحلة البرزخ وكذلك يوم القيامة. خلافا لجسم الشخص، التي تختفي بمجرد موته ولا تستطيع التواصل مباشرة. إنها أيضًا بطيئة الحركة مقارنة بسرعة انتقال الأفكار والحركات الداخلية للأفراد أثناء اليقظة.
وعلى نحو مماثل، يعد العقل آلية جسمية تلعب دوراً أساسياً في تنسيق وظائف الأعضاء عبر نقل المعلومات وترجمتها قبل اتخاذ القرارات والاستجابة للتغيرات الخارجية. أما قلب الإنسان فهو بوابة تحويل لهذه الرسائل العقليّة إلى فعل فعلي وسلوك واضح تحت سيطرة المشاعر والمشاهدات اليومية. ولا شك أنه القوة التحفيزيّة الرئيسية لنشاطاتها اليومية.
ويتضح كل ما سبق بأنه رغم تشابه أدوارهما وأنواع العلاقات الموجودة بينهما، فإن الاختلاف الواضح يكمن في الطبيعة الأصلية للهويات نفسها؛ فأحدها موجود فقط لدى الأشخاص الأحياء والثاني مستقر ودائم حتى نهاية الزمان. وهكذا فإن دراسة هذه المفاهيم تساعدنا على فهْم التعقيد الحقيقي لحقيقة الوجود والسؤال الكبير عن مدلولات الحياة وما بعد الرحيل الأرضي.