حكم ذبح الأضحية قبل صلاة العيد: الضوابط الشرعية والفتاوى الفقهية

التعليقات · 0 مشاهدات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد: تعد الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة التي شرعها الله تعالى لعباده المؤمنين في يوم النحر

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، وبعد:

تعد الأضحية من شعائر الإسلام العظيمة التي شرعها الله تعالى لعباده المؤمنين في يوم النحر، وهي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقد اختلف العلماء في وقت بدء ذبح الأضحية، حيث ذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز ذبحها قبل صلاة العيد، بينما رأى آخرون جواز ذلك بعد انقضاء صلاة العيد.

يقول الإمام مالك رحمه الله: "لا يجوز الذبح إلا بعد ذبح الإمام"، مستندًا إلى حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي رواه مسلم في صحيحه، حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بالمدينة فتقدم رجال فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن ناحية أخرى، يرى الإمام أحمد رحمه الله أنه لا يجوز الذبح قبل صلاة الإمام، ويجوز بعدها قبل ذبح الإمام، سواء كان ذلك في القرى أو الأمصار. ويشترك معه في هذا الرأي الحسن البصري والأوزاعي وإسحاق بن راهويه.

أما الشافعي رحمه الله وداود الظاهري وآخرون، فيرون أن وقت التضحية يبدأ بمضي قدر صلاة العيد وخطبته، فمن ذبح بعد ذلك أجزأه الذبح سواء صلى الإمام أم لا، وسواء صلى المضحي أم لا، وسواء كان من أهل القرى والبوادي أو من أهل الأمصار أو من المسافرين.

ويُجابُ عما استدل به مالك بأن المراد به الزجر عن التعجيل الذي يؤدي إلى فعلها قبل وقتها وبأنه لم يكن في عصره صلى الله عليه وسلم من يصلي قبل صلاته فالتعليق بصلاته في هذه الأحاديث ليس المراد به إلا التعليق بصلاة المضحي نفسه، لكنها لما كانت تقع صلاتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم غير متقدمة ولا متأخرة وقع التعليق بصلاته صلى الله عليه وسلم بخلاف العصر الذي بعد عصره فإنها تصلى صلاة العيد في المصر الواحد جماعات متعددة.

وفي النهاية، فإن الصحيح في المسألة هو أنه لا يشترط الانتظار حتى ينحر الإمام بل يجوز الذبح بعد انقضاء صلاة العيد لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: "من كان ذبح قبل أن يصلي فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله". متفق عليه.

وبناءً على ذلك، فإن ذبح الأضحية قبل صلاة العيد لا يجزئ في كونها أضحية ولا ينال به الثواب، كما قال النووي في شرح حديث أبي بردة في تضحيته قبل الصلاة. وعليه، فإن الأولى والأحوط هو الانتظار حتى بعد صلاة العيد لضمان قبول الأضحية وثوابها.

التعليقات