الحمد لله الذي شرع لعباده أحكامًا تيسيرًا عليهم، ومنها جواز الصلاة جالسًا عند وجود مشقة ظاهرة في القيام. ففي الفقه الإسلامي، يُباح للمسلم أن يصلي جالسًا إذا وجدت مشقة ظاهرة في القيام، سواء كانت هذه المشقة بسبب مرض أو كبر سن أو غير ذلك من الأسباب التي تجعل القيام صعبًا عليه.
يقول ابن قدامة في "المغني": "وإن أمكنه القيام إلا أنه يخشى زيادة مرضه به، أو تباطؤ برئه، أو يشق عليه مشقة شديدة، فله أن يصلي قاعدًا". وهذا يعني أن المشقة التي تبيح القعود في الفريضة هي المشقة التي تذهب الخشوع، كما ذكر إمام الحرمين واختاره الشيخ العثيمين.
وقد ضبط بعض العلماء المشقة التي تبيح القعود في الفريضة بأنها المشقة التي تذهب الخشوع، كما ذكر إمام الحرمين في باب التيمم. والظاهر لنا أن ما ذكرته من مشقة معتبرة تبيح لك الصلاة من قعود، فلا إثم عليك في ذلك ولا إعادة عليك لما فات من الصلوات، ولا مسوغ لشعورك بالذنب، لأنك تفعلين ما تقدرين عليه.
ومن المهم أن نذكر أن السنة أن يؤذن المؤذن للصلاة ويقيم قائما، وعلى هذا جرى عمل الناس من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا. ومن أذّن جالسا أو أقام جالسا لغير عذر فقد أساء وخالف السنة. كما أن السنة أن لا يمشي وهو يقيم، وأن يقيم في الموضع الذي سيصلي فيه، حتى لا يكون هناك فاصل بين الإقامة والدخول في الصلاة.
وفي الختام، يجدر بنا أن نذكر أن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما". فإذا وجدت مشقة ظاهرة في القيام، فلا حرج عليك في الصلاة وأنت قاعدة، ولا إثم عليك في ذلك. والله أعلم.