عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أحد أشهر الشخصيات الإسلامية وأحد العشرة المبشرين بالجنة. ولد قبل البعثة النبوية بثمان سنوات تقريبًا وتشرب من معين الأخلاق الحميدة منذ نعومة أظافره. كان معروفاً بقوته وجسوراً قل مثله. التحق بالإسلام بعد فترة بسيطة من إعلان الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته، وكان ذلك عام 616 ميلادياً. انضم إليه فورًا وبدأ يدافع عن الإسلام بكل قوته وشراسته التي كانت واضحة خلال حياته اليومية كمحارب كريم الشأن بين قبيلته.
بعد هجرة النبي إلى المدينة المنورة، أصبح عمر خليفة الحق للمسلمين بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقد ترك بصمة لا تمحوها الأيام عبر حكمه الصادق والشجاع. تحت رايته امتدت رقعة الدولة الإسلامية بسرعة البرق لتصل إلى مصر وسوريا وفلسطين والأردن والعراق وحتى بلاد فارس. كما أسهم بشكل كبير في وضع القواعد القانونية والتشريعية لدولة المسلمين الوليدة والتي ما زالت تشكل جوهر النظام الشرعي حتى يومنا هذا.
كان لـ"فاروق الأمّة"، كما لقّبه البعض بسبب عدالته وبصيرته الثاقبة، نهجٌ متفردٌ في الحكم يعتمد أساساً على العدالة والاستشارة. لم يكن قراراته مبنية فقط على غرائزه الشخصية وإنما كانت نتيجة لحوار مطول ومناقشة مستفيضة داخل مجلس شورى يضم نخبة مختارة من أهل العلم والحكمة والإخلاص. ومن أشهر تلك القرارات انتقال العاصمة من المدينة المنورة إلى الكوفة ثم نقلها لاحقاً إلى دمشق بغرض توسيع النفوذ السياسي للدولة الفتية وحماية حدودها الشرقية ضد الغزوات البيزنطية الرومية آنذاك.
كما اتسم سلوك عمر الخارجي بحسن خلق وكرم وجود أخلاقي مدهش وسط حروب وعصور اضطراب سياسي واقتصادي واجتماعي فوضوي يعيشه العالم العربي الإسلامي وقتئذٍ. فقد كان مثالاً أعلى للقدوة الحسنة لكل المؤمنين. توفي رحمه الله سنة 23 هجري الموافق لسنة 644 ميلادي برصاصة غدر أثناء أدائه لصلاة الفجر بإحدى مساجد مدينة دمشق المقدسة. ولكن ذكرى تضحياته وإنجازاته مازالت محفورة عميقاً في ذاكرة تاريخ العرب والمسلمين وما زالت مصدر إلهام للأجيال المتلاحقة الذين يسعون للإقتداء بسيرته المشرقة ونبلاء صفاته الإنسانية الرفيعة.