علامات الغضب الإلهي علاماتها وسبل التعامل معها

التعليقات · 0 مشاهدات

في رحاب الهداية والإيمان، قد يمر المرء بحالات من الضيق والصعوبات التي يمكن أن تدفع البعض إلى التساؤل حول رضا الرب وغضبه. ومع ذلك، فإن فهم العلامات الح

في رحاب الهداية والإيمان، قد يمر المرء بحالات من الضيق والصعوبات التي يمكن أن تدفع البعض إلى التساؤل حول رضا الرب وغضبه. ومع ذلك، فإن فهم العلامات الحقيقية للغضب الإلهي أمر بالغ الأهمية لتوجيه النفس نحو طريق الحق والخير. الإسلام يعلمنا أن الله حكيم عادل، وأن كل ما يحدث له سبب وأجله مقدر مسبقاً حسب تقديره سبحانه. وفي حين أنه ليس هناك دليل قطعي على تحديد حالات محددة كـ "مؤشر" لرضا الله أو غضبه بشكل مطلق وغير قابل للتغيير، إلا أنه يمكن الاستدلال على بعض الدلائل العامة بناءً على تعاليم القرآن والسنة النبوية الشريفة.

أولاً، ينصح المسلمون بالحفاظ على توحيد الله وحده دون شريك، وإخلاص العمل لله وعدم ربط القلوب بشيء غيره. يقول تعالى في سورة الأنعام الآية 162: "ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله"، كما يؤكد الحديث القدسي: "من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب". هذا يعني أن استبعاد شخص آخر عن مكانة الله الرئيسية في حياة الفرد يعد مؤشراً واضحاً على احتمال وجود سوء رضى إلهي ناتج عن تقليل منزلة الخالق عز وجل.

ثانياً، الخطيئة والمعاصي تعد أيضاً إحدى دلائل الاحتمالية في عدم رضوان الرب سبحانه وتعالى. فالقرآن الكريم مليء بالأمثلة التي ترتدع المسلمين وتحثهم على ترك المعاصي مثل قوله تعالى في سورة آل عمران الآية 57: "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون"، وكذلك حديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي يفسر فيه السعد بن معاذ قوله تعالى في سورة النساء الآية 48 : "إنما الأعمال بالنيات..." مما يشير إلى أهمية نوايا القلب واستقامة الظاهر معه من الداخل.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى ضرورة التفريق بين شعور الإنسان الشخصي بغضب ربّه وبين الواقع الموضوعي لذلك الشعور. فالشيطان هو عدو للإنسانية يسعى لإدخال اليأس والكآبة فيها عبر تضخيم المشاكل وصغر الأمور الجيدة أمام نظر المصيبة الواحدة. ولذا، يجب التحقق دائماً من مصدر هذه الأفكار وعزل تأثير تلك الوساوس المؤذية للحيلولة دون انزلاق المرء لأفكار انتحارية مثلاً بسبب ظنونه الذاتية البحتة بدون أدلة شرعية واضحة تؤيده.

وفي المقابل، يُشدّد الدين الإسلامي على الثقة الكاملة بالقضاء والقدر والحمد والشكر حتى خلال أحلك اللحظات. فعلى سبيل المثال، عندما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشرت الشائعات بشأن وفاته المبكرة، قال أبو هريرة رضي الله عنه عند رؤيته للنبي وهو يشكو المرض:"... ولكن إنْ مات هذا ماتت الدنيا." وذلك إدراكًا منه لقيمة الحياة بلا الرسالة والنبوة التي حملها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم والتي تعتبر هدية عظيمة للعالم أجمع وليس فقط للمسلمين وحدهم. وقد ورد أيضا ذكر قصة ذي القرنين في القرآن الكريم وهي قصة ملك حكم بشرٍ عدلٍ سنوات طويلة قبل ظهور دعوة نبينا محمد وكانت تتميز بمستوى عالٍ جداً من الرخاء والاستقرار السياسي والاقتصادي رغم أنها كانت قائمة خارج اطار الدعوة الإسلامية نفسها! وهذا يدل دلالة قاطعة على قدرة البشرية بطرق مختلفة للتقدم والتطور تحت منظومة أخلاقيات دين واحد بينما تبقى الروح الإيجابية أساس نجاح أي مجتمع مهما اختلفت أفراده وثقافتهم وما وصل إليه علمهم ومستويات تقدمهم الصناعي والعلمي.

ختاماً، وإن كان لا يوجد مؤشرات مؤكدة لغضب الرب تمامًا كما لا يوجد أدلة دامغة لرضوانه كذلك، إلّا إنه يمكن اعتبار هجر الطاعات والممارسات المحرمة وغير الأخلاقية كإشارات محتملة للنظر أو مراجعة مسارك الخاص اتجاه الطريق المستقيم المستوحى من تعاليم الإسلام السمحة والأخلاق الحميدة عموما باتباع نهجه الرباني المبين والذي جاء لينظم حياة خلقه وييسر لهم جميع أمور حياتهم بما فيها الجانب الروحي والقيمي منها فضلا عن الجانب العملي اليومي المتعلق بتنظيم الدول والمجتمعات ونظام العلاقات الإنسانية المختلفة داخليا وخارجيا سواء فيما بين طبقات الشعب الواحد أم بين دول العالم المختلفة .

التعليقات