تعتبر سنة حلق شعر المولود بدءاً من يوم مولده سلوكًا متبعًا وموصوفًا في تراثنا الإسلامي الغني. تتعدد الفوائد والحكم المرتبطة بهذا الفعل، والتي تعكس عمق التفكير الرشيد والقيم الإنسانية التي ارتضاها ديننا الحنيف. إليك بعض الأبعاد الرئيسية لفكرة حلق الشعر لدى الأطفال حديثي الولادة حسب التعاليم الإسلامية:
- مبادئ الصحة والنظافة: إن عملية حلق شعر الطفل هي خطوة هامة نحو تعقيم المنطقة والتخلص من البقايا الدموية وبقايا المواد الأخرى المتراكمة خلال مرحلة الولادة. بالإضافة لذلك، فإن الشعرات الأولى تكون هشة وضعيفة نسبياً مما يجعلها عرضة للتلف والإصابة بالأوساخ والجراثيم. وحلق تلك الشعرات المبكرة يساعد على نمو طبقة جديدة أكثر قوة وصلابة.
- التأكيد على الروابط الاجتماعية: مهنة "حلاقة" شعر الطفل ليست مجرد إجراء فرديًا لكنها أيضاً جزء أصيل من ثقافتنا الإسلامية وتمثل فرصة فريدة لإظهار مظاهر الفرح والسعادة بزينة المولود الجديدة. وبموازاة ذلك يتم تقديم هدية رمزية حيث يقوم الوالدان بالتبرع بالقيمة المالية لشعر ابنهم المدور كفضة أو ذهب لمن هم أقل حظاً منهم اجتماعياً واقتصادياً. وهذا يدعم مفهوم التكاتف الاجتماعي وتعزيز العلاقات الأخوية بين أبناء المجتمع الواحد.
- رفض الأعراف الثقافية التقليدية القديمة: كان من المعتاد بين العرب القدماء القيام بذبح طائر كنوع من الاحتفالات بالمواليد الجدد وكان يسكب دم هذا الحيوان فوق رأس المولود باعتباره مصدر البركة والخير وفق اعتقادهم آنذاك. وفي المقابل جاء الدين الحق بإرشاد الناس لاتباع درب مختلف يقوم فيه الآباء بذبح عقيقة لصالح فقراء المجتمع واستخدام زعفران الزهور بدلاً من الدم فيما يعرف بـ "لحمة القطران". وبالتالي يعد تغيير هذه الظاهرة دليل واضح على مدى تقدم التشريعات الدينية ومتانتها أمام تقلبات الهوى والثقافات المختلفة عبر القرون.
- طريقة التطبيق والشروط المتطلبة: تنصب آلية تطبيق السنة على ضرورة إتمام العملية ضمن فترة محددة عقب ميلاده مباشرة (حوالي أسبوع واحد). ويمكن لكلتا الجنسين الذكور والإناث الاستفادة منه بشكل عام إلا أنه ربما يستوجب مراعاة الوضع النفسي والعاطفي للإجراء نفسه أثناء تأديته بناءً على حساسية الشخص المسؤول عنها خاصة إذا كانت هناك حاجة لاستعمال أدوات حادة مثل الموس الحلاقة مثلا. ويتم تقدير ثقل خصلة واحدة بعملة نقدية تساوى قيمتها السوقية لتحديد مقدار المال المخصص للفقراء لاحقاً.
- رأي العلماء حول مشروعيتها: يقسم أهل الاختصاص ونواب الرسالة بشأن مصداقية الرخصة بين مؤيد ومعارض لها استنادا لنفس الاسباب السابقة ذات الصلة بالنظر والصحة العامة والمعايير الاجتماعية وغيرهما الكثير ولكن ظلت غالب الأحكام مجمع عليها بانعدام وجوبيتها وعدم اعتبارها فرض عين بالإجماع بل تعتبر مستحبة وإن لم تتم سوف يخلو المرء مما يعتريه من عقوبات شرعية نتيجة عدم اتباعها حرفيا.