طواف الوداع هو آخر شعائر الحج التي يؤديها الحاج قبل مغادرة مكة المكرمة للعودة إلى دياره. وهو ركن أساسي من أركان فريضة الحج وواجب على كل حاج القيام به وفق الشروط الشرعية والإجراءات المنظمة له. يعتبر هذا الطواف ختاماً لرحلة العمر بالنسبة للمسلمين الذين يزورون البيت العتيق ويؤدون المناشط المقدسة خلال موسم الحج.
يبدأ طواف الوداع عادةً بعد انتهاء الحجاج من أداء الوقوف بعرفة ومنسك الجمرات الثلاث يوم التشريق الثلاثة. يتميز هذا الطواف بأنه ليس شرطاً ضمن المناسك الرئيسية للحج مثل طواف القدوم وطواف الإفاضة، ولكنه واجب شرعًا لجميع الرجال والنساء الذين أكملوا أعمال حجهم ولم يغادروا مكة إلا بإتمام هذا الطواف.
يتطلب طواف الوداع عدة شروط حتى يصح ويكسب ثوابه كاملاً لدى المسلم. أول هذه الشروط هو النية؛ إذ ينوي الحاج عند بدء الطواف نوافله بأن يقول "اللهم أجعلني مع المستغفرين". كما يشترط أيضاً الخلوص والتلبية أثناء الطواف بنفس ترتيب طواف القدوم والإفاضة، باستثناء أنه يجوز عدم رفع اليدين عند الدعاء بين الركن اليماني والحجر الأسود، وذلك بسبب كثافة الزحام وحفظ النفس. أما بالنسبة للأفعال والشعائر الأخرى كالصلاة والذكر والدعاء والاستغفار فهي مستحبّة ولكن غير مطلوبة بشكل إلزامي.
بعد الانتهاء من سبعة أشواط حول الكعبة المشرفة، يمكن للحاج الاستراحة قليلاً ثم الرجوع مرة أخرى لطواف الوداع إن كان قد نسي شيئاً من حقوق الله عليه، أو لم يكن لديه الوقت الكافي لإكمال جميع الأركان والمناسك الأخرى بشكل صحيح. ومع ذلك، فإن الغالبية العظمى من الحجاج يكملون جميع مراحل رحلاتهم المقدسة دون تأخير ويتبعون نظام تسليم مفصل لتجنب الاكتظاظ وضمان سلامتهم.
في النهاية، يعد طواف الوداع فرصة ممتازة للحجاج للتعبير عن امتنانهم وعرفانهم لله عز وجل على نعمته وتوفيقه لهم خلال فترة وجودهم في الأرض المقدسة. إنه تجربة روحانية عميقة ومبهجة تنقل المسلمين أخيراً خارج حدود مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم حاملين ذكرى عطرة بالرحمة والخضوع والخضوع أمام ملكوت الله الواسع والعظيم.