بدأت رحلة الإسلام إلى شبه القارة الهندية مع الفتوحات العربية التي قادها المسلمون الأمويون في القرن الثامن الميلادي. هذه الحملة العسكرية لم تكن فقط توسعاً سياسياً جيو-استراتيجياً بل كانت أيضاً مدخلاً ثقافياً ودينياً عميقاً قد غيّر وجه المنطقة بشكل جذري.
في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك، بدأت الحملات الصليبية الأولى ضد الفرس والبيزنطيين، مما أدى مباشرة إلى هزيمة الدولة البيزنطية وانتشار النفوذ العربي في الشام وبلاد الرافدين. استمرار هذه الغزوات جعل الطريق مفتوحاً للسفن الإسلامية للتوجه غرباً عبر البحر الأحمر وبحر العرب، ولأول مرة، انطلقوا شمالاً باتجاه ساحل مالابار الهندي.
شكلت الظروف المحلية عاملاً رئيسياً في تقبل سكان تلك المناطق للإسلام. فقد كان هناك شعور متنام بالاضطهاد تحت الحكم المسيحي وحكم الأبرار البراهمة الذين فرضوا نظام الطبقات الاجتماعية الصارم والمعقد المعروف باسم "الهرمية الدينية". بالإضافة لذلك، كانت التجارة بين الهند وأجزاء أخرى من العالم القديم نشطة جداً، مما سهّل تبادل الأفكار والممارسات الثقافية والدينية الجديدة.
مع مرور الوقت، أصبح الإسلام ديناً محبوباً ومعترف به في كل مناطق الهند. لكن التأثير الأعمق جاء عندما بدأ التجار والصوفيون العرب المسلمين بالترويج لأفكار السلام والتعاون المشترك بين الناس بغض النظر عن خلفياتهم العرقية أو الاجتماعية. هذا النهج الروحاني والفلسفي جذب العديد من السكان المحليين ليعتنقوا العقيدة الجديدة.
اليوم، يعد الهند موطن لما يقارب 200 مليون مسلم - وهي واحدة من أكبر المجتمعات المسلمة خارج الوطن العربي والإسلامي التقليدي. التأثير الثقافي للدين مستمر حتى الآن؛ فهو يساهم بعدد كبير ومتنوع من الأعمال الأدبية والأعمال الفنية مثل الموسيقى والأدب والشعر والتي تعكس ثراء وتعددية التراث الإسلامي داخل سياقه الاجتماعي والثقافي الهندي المتفرد.
بشكل عام، تعتبر مسيرة انتشار الإسلام إلى الهند قصة ملهمة للتنوع والتقبل والانسجام بين الثقافات المختلفة.