في الليلة التي قال فيها الهدوء لقدومه، بدأت إحدى القصص الأكثر تأثيراً في تاريخ البشرية. في مولد السيد المسيح عيسى بن مريم – عليه السلام - ، تمجدت السماء والأرض معاً بإعلان جميل لم يسبق له مثيل. هذه القصة، كما ورد في الكتاب المقدس والإنجيل، هي أكثر بكثير من مجرد ذكرى دينية؛ إنها دعوة للحب والرحمة والمصالحة بين الناس كافة.
عندما ننظر إلى تفاصيل تلك اللحظات العظيمة، فإنها تعكس المعجزة الإلهية حقا. كانت ليلى خديجة زوجة عمران قد توجَّعت لعدم إنجاب طفل بعد زواج دام طويلاً. ولكن عندما حان وقت الصلاة والتضرع لله عز وجل، استجاب لها الله برحمته وبارك حملها بملاك يدعى جبريل عليه السلام. وبعد فترة طويلة من الدعاء والصبر، رزقت بخديجة ابنة صغيرة اسمتها "مريم".
مع تقدم السنوات، كبرت مريم لتكون امرأة جميلة وعاقلة ذات إيمان عميق. وفي يوم ما، بينما هي تعمل في قطف الزيتون برفقة أختها أخنوخ، جاءها الوحي مباشرة من الله تعالى عبر جبريل. عرض هذا الملاك عليها بشرى عظيمة؛ ستلد طفلاً مقدساً يُدعى عيسى ابن مريم عليهما السلام. الأمر الذي خلق حالة من الدهشة والخوف لدى مريم الشابة البريئة. ومع ذلك، أكدت لها قوة الله ووعد بأن تكون الولادة بلا ألم وأنه سيجعلها ورجل صالحاً.
بعد عدة أشهر، اتخذت الأمومة شكل مختلف تماماً مما اعتادت النساء عليه. لم تكن هناك علامات نموذجية للولادة الطبيعية بما يعرف اليوم. بدلاً من ذلك، فقد ولد الطفل بدون أب بشري بصورة مذهلة ومباشرة بواسطة روح القدس المباركة. هذا الحدث غير المعتاد شجع الكثيرين الذين واجهوا ظروف الحياة الصعبة ويحثهم على الأمل والثقة بالله الواحد الحقيقي الرؤوف الرحيم.
وفي نهاية المطاف، أصبح عيسى رسولاً بارزاً، تحرك بروحه الإنسانية الفريدة وحكمته الخالدة لإرشاد الآخرين نحو طريق العدالة والكرامة والمحبة الأخوية العالمية. إن حياة عيسى وآياته المعجزات تشكل أساس العقائد الدينية الرئيسية الثلاثة وهي المسيحية والإسلام واليهودية وتدل على قدرة الله ودوره المركزي في كل جوانب وجود الإنسان الروحي والجسدي والعاطفي والعقلاني. وبالتالي فإن تجربة ولادة يسوع ليست فقط حدثاً دينياً هاماً بل أيضاً رمز لقوة الحب الإلهي وتعزيز الجماعة البشرية المشتركة العميقة المتأصلة داخل قلوب جميع المؤمنين حول العالم.
