التقويم الهجري، المعروف أيضًا باسم "القمري" أو "الإسلامي"، يحمل اسمًا عريقًا يعود جذوره إلى الأحداث الدينية والتاريخية الهامة في الإسلام. هذا النظام الزمني، الذي بدأ رسميًا بعد هجرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة عام 622 ميلادي، يعتمد بشكل أساسي على دورة القمر الطبيعية لتحديد الشهور والمواسم. يُعدّ التحول نحو استخدام التقويم الهجري خطوة مهمة ضمن جهود الدولة الإسلامية الناشئة لإنشاء هويتها المستقلة وتوثيق تاريخها الخاص بها.
اختيار شهر المحرم كبداية لهذا التقويم لم يكن عشوائياً؛ ففي ذلك الوقت كانت هناك عدة تقاويم مستخدمة في الحجاز، بما في ذلك التقويم الصابياني والفارسي والروماني. ومع ذلك، اختارت الخلافة الراشدة اعتماد البداية مع شهر المحرم - وهو الشهر الثاني عشر في السنة الميلادية وفق التقويم الروماني القديم - لأن ثبات مدته البالغ ثلاثين يوماً جعل التعامل معه أكثر سهولة ودقة. كما أنه كانgetMonth() متاحاً للجميع ولم يتم ربطه بإحدى الدولتين الكبيرتين آنذاك، الفرس والروم، مما عزز استقلال المسلمين عن التأثيرات الثقافية الخارجية.
بالإضافة إلى الوظائف العملية للتدوين الزمني، حملت تسمية "الهجري" رمزية قوية تعكس الانتقال السياسي والثقافي للحركة الإسلامية الجديدة. فهو يشير إلى رحلة النبوءة ورحلة المجتمع المسلم المبكر، ويؤكد على ارتباطهم الوثيق بتاريخهم الديني والتاريخي المشترك. إن كل حدث هام في حياة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وما تبعه من فترات حكم الخلفاء الراشدين يرتبط بفترة زمنية محددة داخل هذه السنوات الاثنتا عشرة التي تشكل العام الهجري الواحد.
اليوم، يستخدم العديد من البلدان حول العالم التقويم الهجري جنباً إلى جنب مع نظيره الغربي، خاصة خلال المناسبات الدينية مثل رمضان وعيد الفطر وعيد الأضحى وغيرها. وقد أصبح هذا النهج المتعدد المقاييس وسيلة لتكامل الأفكار المختلفة وتعزيز التفاهم بين الثقافات المختلفة بينما تحتفظ بكل منها بتراثها الفريد. وبذلك يمكن اعتبار التقويم الهجري ليس مجرد نظام حساب وزمان فقط ولكنه أيضاً مرآة لحياة مليئة بالأحداث العظيمة للشعوب العربية والإسلامية عبر القرون.