حكم الغناء في الإسلام: بين الأدلة الشرعية والحكمة من التحريم

التعليقات · 0 مشاهدات

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من أمة محمد ﷺ. إن مسألة الغناء في الإسلام هي موضوع شائك، وقد اختلف فيه العلماء عبر التاريخ. ومع ذلك، فإن الأدلة ا

الحمد لله الذي هدانا للإسلام، وجعلنا من أمة محمد ﷺ. إن مسألة الغناء في الإسلام هي موضوع شائك، وقد اختلف فيه العلماء عبر التاريخ. ومع ذلك، فإن الأدلة الشرعية واضحة في تحريم الغناء، سواء كان مصحوبًا بالآلات الموسيقية أو بدونها.

يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين" [لقمان:6]. وقد فسّر الصحابة والتابعون لهو الحديث بأنه الغناء، كما ذكر ابن القيم في "إغاثة اللهفان".

ومن الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على تحريم الغناء ما رواه البخاري -تعليقاً- عن أبي مالك أو -أبي عامر الأشعري رضي الله عنهما- أن النبي ﷺ قال: "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف". وقد صحح هذا الحديث الحافظ ابن حجر والحديث معروف الاتصال بشرط الصحيح.

كما ذكر ابن القيم في "إغاثة اللهفان" أن هناك العديد من الأحاديث الأخرى التي تدل على تحريم الغناء، منها ما رواه سهل بن سعد الساعدي وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وأبو هريرة وأبو أمامة الباهلي وعائشة أم المؤمنين وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سابط والغازي بن ربيعة.

أما أقوال السلف الصالح في تحريم الغناء، فقد ذكر القرطبي عن الإمام مالك -رحمه الله- أنه قال في الغناء: "إنما يفعله عندنا الفساق". وذكر عن أبي حنيفة أنه يكره الغناء. وعن الشافعي -رحمه الله- أنه قال: "الغناء مكروه ويشبه الباطل، ومن استكئر منه فهو سفيه ترد شهادته".

وقد ذكر القرطبي نقلاً عن ابن الجوزي أن الإمام أحمد -رحمه الله- سئل عن رجل مات وخلف ولداً وجارية مغنية فاحتاج الصبي إلى بيعها فقال: "تباع على أنها ساذجة لا على أنها مغنية، فقيل له: إنها تساوي ثلاثين ألفاً، ولعلها إن بيعت ساذجة تساوي عشرين ألفاً، فقال: لاتباع إلا أنها ساذجة". وهذا دليل على أن الغناء محظور، إذ لو لم يكن محظوراً ما جاز تفويت المال على اليتيم.

وتتمثل الحكمة في تحريم الغناء في أمور منها:

  1. أن الغناء وسيلة إلى الزنا، لأنه يحرك كوامن الشهوة في النفس.
  2. أن الغناء يشغل عن ذكر الله، فلا يجتمع في قلب المؤمن حب القرآن وحب كلام الشيطان.. كما ذكر ابن القيم -رحمه الله-.
  3. أن الغناء ينبت النفاق في القلب.

وفي الختام، يجب التنبيه على أن المقصود بالكراهة في لسان هؤلاء الأئمة كراهة التحريم لا كراهة التنزيه، كما هو واضح من أقوالهم. والله أعلم بالصواب.

التعليقات