من ترك شيئًا لله: التعويض والجزاء في الدنيا والآخرة

التعليقات · 3 مشاهدات

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد: إن الحديث الشريف الذي يقول "إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

إن الحديث الشريف الذي يقول "إنك لن تدع شيئا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه" (رواه الإمام أحمد) يسلط الضوء على مبدأ مهم في الإسلام، وهو أن من يتخلى عن شيء من أجل مرضاة الله، فإن الله تعالى يعوضه خيرا منه. هذا التعويض قد يأتي في الدنيا أو في الآخرة، وقد يكون في كليهما.

في الدنيا، يمكن أن يكون التعويض من خلال الرزق الحلال، أو الصحة، أو السعادة الروحية، أو حتى درجات عالية من الإيمان واليقين. كما ذكر ابن القيم رحمه الله في "الفوائد"، فإن من ترك سرقة المال المعصوم لله، سيعوضه الله مثله أو خيرا منه حلالا. وهذا التعويض لا يقتصر على الأمور المادية فقط، بل قد يشمل أيضا الرضا بما قسمه الله، كما ذكر بعض الزهاد.

أما في الآخرة، فإن الجزاء على ترك شيء لله عز وجل هو الثواب العظيم الذي لا يقاس بمال الدنيا ولا بمتعها. كما جاء في الحديث الصحيح عن معاذ بن أنس: "من ترك اللِّباس تَوَاضُعًا لِلَّهِ، وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ: دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ، حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَىِّ حُلَلِ الإِيمَانِ شَاءَ يَلْبَسُهَا" (رواه الترمذي).

ومن المهم أن نلاحظ أن هذا التعويض ليس بالضرورة أن يكون مباشرة بعد ترك الشيء، بل قد يأتي في وقت لاحق، سواء في الدنيا أو في الآخرة. لذلك، يجب على المسلم أن يحسن الظن بالله وأن يثق بأن ما اختاره الله له هو الأفضل له.

وفي الختام، فإن ترك شيء لله عز وجل هو عمل نبيل يعكس إيمان المسلم وحرصه على مرضاة الله. ومن ترك شيئا لله، فإنه سيجد عوضا خيرا منه في الدنيا والآخرة، بإذن الله.

التعليقات