نزول القرآن منجماً، أي مفرقاً، هو أحد الأساليب الإلهية التي اتبعها الله سبحانه وتعالى في تنزيل كتابه العزيز على نبيه محمد ﷺ. هذا النزول المفرق يحمل في طياته حكمة عظيمة، حيث يهدف إلى تحقيق عدة أهداف سامية.
أولاً، تثبيت فؤاد النبي ﷺ وتقوية قلبه. فنزول الوحي منجماً يمنح النبي ﷺ شعوراً مستمراً بالسرور والغبطة، مما يقوي عزيمته ويصبر قلبه على مواجهة تحديات الدعوة. كما أن التنجيم يسهل على النبي ﷺ حفظ القرآن وفهمه، ويمنحه فرصة لتجديد العهد مع جبريل ﵇ في كل مرة، مما يزيد من قوة إيمانه وثباته.
ثانياً، التدرج في تربية الأمة الناشئة علماً وعملاً. فنزول القرآن منجماً يسهل على المسلمين حفظ القرآن وفهمه، وييسر عليهم تدبره. كما أنه يمهّد لهم لترك الباطل والعقائد الفاسدة، ويجهزهم لتحمل العقائد الحقة والعبادات الصحيحة والأخلاق الفاضلة.
ثالثاً، مسايرة الحوادث والطوارئ في تجددها وتفرقها. فكلما جد جديد في الأحداث، ينزل من القرآن ما يناسبه، مما يوضح حكم الله في تلك القضية. وهذا يساعد المسلمين على فهم دينهم بشكل أفضل وتطبيق أحكام الشريعة في حياتهم اليومية.
رابعاً، الإرشاد إلى مصدر القرآن الكريم. فنزول القرآن منجماً يوضح أن مصدره هو الله وحده، وأن هذا الكتاب الكريم لا يمكن أن يكون من كلام البشر. فكل جملة تنزل من آياته هي دليل جديد على صدق الرسالة وكمالها.
خامساً، الإجابة على الأسئلة المتنوعة والطارئة. فنزول القرآن منجماً يسمح للرسول ﷺ بالإجابة على أسئلة السائلين عندما يوجهونها إليه، مما يوضح حكم الله في مختلف القضايا.
سادساً، التدرج في التشريع والتربية. فنزول القرآن منجماً يسمح بتطبيق الأحكام الشرعية تدريجياً، مما يسهل على المسلمين فهمها وتطبيقها. كما أنه يسمح بتغيير بعض الأحكام حسب الحاجة، مما يظهر مرونة الشريعة الإسلامية وقدرتها على مواكبة التغيرات.
هذه بعض الحِكَم التي تستفاد من نزول القرآن منجماً، والتي تظهر حكمة الله سبحانه وتعالى في اختيار هذا الأسلوب في تنزيل كتابه العزيز.