حكمة الأمر بالإدناء في آية (يدنين عليهن من جلابيبهن) في القرآن الكريم

التعليقات · 1 مشاهدات

تُعدّ آية "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أ

تُعدّ آية "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا" (الأحزاب: 59) من الآيات التي تحمل في طياتها إعجازًا لغويًا وفقهيًا. ففيها حكمة عميقة تتعلق بأمر الإدناء، وهو أمر زائد على مجرد التجلبب، كما يشير الشيخ صفي الرحمن المباركفوري في كتابه "إبراز الحق والصواب في مسألة السفور والحجاب".

إن الإعجاز اللغوي في استخدام كلمة "يُدْنِينَ" بدلاً من "يغطين" أو "يسترن" يعود إلى أن الإدناء يشمل أمرًا زائدًا على مجرد التجلبب، وهو إرخاء جزء من الجلباب على الوجه لستره. وهذا الأمر الزائد يظهر في استخدام كلمة "على" مع "من جلابيبهن"، حيث أن الإدناء يتعدى باللام، ومن، وإلى، ولكن هنا يتعدى بعلى لتضمينه معنى فعل آخر وهو الإرخاء، أي يرخين شيئًا من جلابيبهن من فوق رؤوسهن على وجوههن.

أما الإعجاز اللغوي في استخدام "مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ" بدلاً من "جلابيبهن"، فهو يعود إلى أن الإدناء يكون بجزء من الجلباب، وليس بمجموعه، كما أن كلمة "من" التبعيضية تدل على أن الإدناء يكون بجزء من الجلباب.

وفي قوله تعالى: "ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ"، نجد إعجازًا لغويًا آخر، حيث أن استخدام "أن" المصدرية مع "يعرفن" يوضح أن الهدف من الإدناء هو التعرف على النساء المسلمات حتى لا يؤذين، أي حتى لا يخطئ فيهن أو يظن أنهن غير مسلمات. وهذا يفسر لماذا لم يقل الله: "لكي يعرفن فلا يؤذين"، لأن استخدام "أن" المصدرية يوضح الهدف من الإدناء بشكل أكثر وضوحًا.

وبالتالي، فإن حكمة الأمر بالإدناء في هذه الآية الكريمة هي تحقيق التوازن بين ستر العورة والتعرف على النساء المسلمات، مما يحميهم من الأذى والخطأ.

التعليقات