في زمن لم يكن هناك سوى الفراغ والسكون، خلق الله سبحانه وتعالى العالم بكل ما فيه. بين هذه الخليقة الرائعة، جعل البشر أول مخلوقات تسكن هذه الدنيا. وقد اختير سيدنا آدم -عليه السلام- ليصبح أب الأنسانية الأولى.
بدأ الأمر عندما قرر الخالق عز وجل إنشاء كائن بشري يتعبد له ويحمده. وبعد تكليف الملائكة بهذا العمل العظيم، رفضوا المهمة بحجة عجزهم عن القيام بها. لكن الله تعالى كان يعلم بأن بإمكانه فعل ذلك بنفسه. فأخذ طيناً من أرض مختلفة ألوانها وأشكالها، وخلقه على صورته ومثاله. لقد كانت بداية الحياة كما نعرفها اليوم.
وبعد انتهاء عملية النحت والتكوين، نفخ في جسم آدم الروح الحيوية التي نقلت هذا الطين الحيادي إلى إنسان حي قادر على التفكير والشعور والحركة. وهذا الإنسان ليس مجرد شخص واحد بل هو أبو جميع الناس الذين سيأتون بعده عبر التاريخ الإنساني بأسره. يقول القرآن الكريم في سورة الأعراف الآية ١١: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً". هكذا بدأت حكاية الخلق البشري مع النبي آدم وزوجته حواء.
ثم أمر الله ملائكته بالسجود أمام آدم احترامًا واحتفالًا بمولده الجديد داخل عالمنا الواقعي. وهذه لحظة مهمة جدًا لأنها تشير إلى مكانة آدم الخاصة عند الرب جل جلاله ضمن نظام الكون المتكامل والممتد. أخبرنا الدين الإسلامي أنه حتى الشيطان نفسه –وهو أحد الجن– قد سجد لأدم متبعا أوامر الله مباشرة مما يؤكد أهميته القصوى بالنسبة للخالق عز وجل وللعالم المحيط بنا أيضًا.
ومع مرور الوقت، وضع الله خططه لبداية حياة جديدة للإنسانية الجديدة التي بدأتها عائلة آدم وحواء على وجه الأرض. فقد منحهم كل الاحتياجات الضرورية للعيش بشكل مستقيم وصحيح بما فيها الطعام والنباتات المختلفة بالإضافة للمكان المناسب لها وهو الجنة نفسها والتي تعد رمز الصحة والعافية الدائمة حسب تعاليم ديننا الحنيف.
وفي نهاية المطاف، ارتكب زوج آدم الأول الخطيئة الشهيرة بغرس بذرة الشر والإساءة بالعالم الصالح الذي خلقه الله لهم والذي كان موطنهم البدئي والأفضل قبل نزولهم للأرض. ومع ذلك، فإن حكم الله الرحيم يشمل الجميع دائمًا؛ فهو يقبل رجوع عباده إليه مهما بلغ سوء أعمالهم أثناء حياتهم الدنيا إذا تابوا وأنابوا واستقاموا طريق الحق والخير والاستقامة.
هذه هي بعض تفاصيل القصة القرآنية المجملة حول بداية وجود البشر وفق العقيدة الإسلامية المباركة. إنها دعوة للتأمل والتذكر لماضي أحقاب الزمان وما سيكون مستقبل أيام الدهر أيضا تحت مظلة قدرة وخطة رب العالمين وعلمه القديم المحكم لكل الأمور المدونة وغير المدونة منذ القدم وإلى يوم القيامة الأخروي الأخير بإذن الواحد الأحد الملك القادر المستعلي الذي لا مثيل ولا نظير له إلى يوم الدين يا رب العالمين يا أكرم الأكرمين! آمين!