تفسير آية أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم في سورة البقرة

التعليقات · 0 مشاهدات

تتناول الآية الكريمة "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" في سورة البقرة (البقرة: 44) موضوع التناقض بين القول والفعل، حيث يوجه الله تعالى خطابه إلى أهل

تتناول الآية الكريمة "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" في سورة البقرة (البقرة: 44) موضوع التناقض بين القول والفعل، حيث يوجه الله تعالى خطابه إلى أهل الكتاب، خاصة اليهود، الذين كانوا يأمرون الناس بالطاعة والبر، بينما كانوا أنفسهم يتركون هذه الأوامر ويخالفونها.

يقول السيوطي رحمه الله تعالى: "نزلت في علماء اليهود، وكانوا يقولون لأقربائهم المسلمين: اثبتوا على دين محمد فإنه دين الحق، أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون؟" (البقرة: 44).

ويوضح المفسرون أن "البر" هنا يشير إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم، وأن "النسيان" يعني الترك، أي أنهم كانوا يتركون أنفسهم ولا يأمرونها بالإيمان به. ويذكر ابن عباس رضي الله عنهما أن الآية تشير إلى أمرين: الأول هو أمرهم الناس بالدخول في دين محمد صلى الله عليه وسلم، والثاني هو تركهم لأنفسهم في اتباعه.

ويؤكد المفسرون على أهمية التوازن بين القول والعمل، حيث يجب على الإنسان أن يكون قدوة حسنة في تطبيق ما يأمر به الآخرين. ويذكر أبو الدرداء رضي الله عنه أن الفقه الحقيقي لا يتم إلا عندما يمقت الإنسان الناس في ذات الله، ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتاً.

وتؤكد هذه الآية على ضرورة أن يكون المسلم قدوة حسنة في تطبيق ما يأمر به الآخرين، وأن لا يكون هناك تناقض بين قوله وفعله. كما تشدد على أهمية العقل والتفكر في الأمور، حيث يقول الله تعالى: "أفلا تعقلون؟" (البقرة: 44)، أي أفلا تفكرون وتتدبرون في سوء فعلكم؟

وفي الحديث النبوي الشريف، يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حال بعض خطباء أمتة الذين يأمرون الناس بالمعروف وينسون أنفسهم، حيث يرون رجالاً تقرض شفاههم بمقاريض من نار ليلة أسري به.

وبالتالي، فإن آية "أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم" تسلط الضوء على أهمية التوازن بين القول والعمل، وتحث المسلمين على أن يكونوا قدوة حسنة في تطبيق ما يأمرون به الآخرين.

التعليقات