الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
الاستغفار من أبرز العبادات التي حث عليها الإسلام، وهو باب واسع من أبواب رحمة الله تعالى. وقد أكدت الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على فضل الاستغفار في استجابة الدعاء. يقول الله تعالى في سورة نوح: "فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" (نوح: 10-12). وفي سورة هود، يقول الله تعالى: "ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا * ويؤيدكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا" (هود: 52).
كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم على فضل الاستغفار في استجابة الدعاء. فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" (رواه البخاري). وفي رواية أخرى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه، فإني أتوب في اليوم مائة مرة" (رواه مسلم).
ومن الأدعية المأثورة التي تدل على فضل الاستغفار في استجابة الدعاء، دعاء سيد الاستغفار الذي رواه البخاري ومسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: "سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".
كما أن الاستغفار عمل صالح يمكن التوسل به إلى الله لتحقيق المطلوب. فقد قال البيضاوي في تفسيره: "وإما الطلب فبالاستغفار؛ لأن المغفرة أعظم المطالب، بل الجامع لها".
وفيما يتعلق بأوقات إجابة الدعاء، فإن الاستغفار في أوقات الإجابة المشهورة مثل السجود، ودبر الصلوات المكتوبات، وثلث الليل الآخر، وبين الأذان والإقامة، وآخر ساعة بعد العصر من يوم الجمعة، وعند الفطر من الصيام، وغيرها من الأوقات المذكورة في السنة النبوية، يزيد من فرصة استجابة الدعاء.
وفي الختام، فإن الاستغفار هو عمل صالح يفتح أبواب الرحمة والمغفرة من الله تعالى، وهو سبب لاستجابة الدعاء. فليكثر المسلم من الاستغفار في جميع الأوقات والأحوال، وليحرص على أدعية سيد الاستغفار وغيرها من الأدعية المأثورة لتحقيق خير الدنيا والآخرة.