الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيما يتعلق بحكم أداء العمرة عن الميت، فإن الفقهاء قد ذهبوا إلى تفصيل في هذا الشأن. ففي الموسوعة الفقهية، ذهب الحنفية إلى جواز أداء العمرة عن الغير بأمره، حيث أن جوازها يكون بطريق النيابة، والنّيابة لا تثبت إلا بالأمر. أما المالكية، فقد ذهبوا إلى كراهة الاستنابة في العمرة وإن وقعت صحت. بينما الشافعية، فقد قالوا بتجوز النيابة في أداء العمرة عن الغير إذا كان ميتًا أو عاجزًا عن أدائها بنفسه.
وعلى هذا الأساس، فإن قيامك بالعمرة عن كل من جدك وأخيك جائز شرعاً، على الراجح من أقوال أهل العلم، سواء كان الميت قد أدى العمرة المفروضة أم لا. وإذا كنت قد أديت العمرة على الوجه الصحيح فإنها تعتبر صحيحة وينتفع بها الميت إن شاء الله تعالى. أما كيف تبلغ العمرة الميت، فإن هذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، والذي يذكره أهل العلم أن العمل الصالح يصل الميت وينتفع به إذا أهدي من قبل الحي.
وقد روى البيهقي والبزار من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تبارك وتعالى ليرفع للرجل الدرجة فيقول: رب أنى لي هذه الدرجة؟ فيقول: بدعاء ولدك لك". قال في المجمع: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث.
وفي الحديث جواز الصدقة عن الميت، وأن ذلك ينفعه بوصول ثواب الصدقة إليه ولاسيما إن كان من الولد. وانظر الفتوى رقم: . والله أعلم.
أما هل تكون له في القبر في الدنيا أم في الآخرة ؟ فإن صاحب القبر ليس من أهل الدنيا لأن القبر هو أول منزل من منازل الآخرة ، وصاحبه ينتفع بما قدم له وما أهدي إليه من ثواب، ولم نجد من ذكر أن ثواب بعض الأعمال قد يؤخرعن الميت إلى ما بعد البعث. أما هل تكتب عمرة أم صدقة أم نورا أم غير ذلك؟ فإن العمرة شيء، والصدقة شيء، ومعرفة ذلك لا يترتب عليها شيء ، إذ المهم أن ينتفع الميت بثواب العمل الصالح وهو ما سبق أنه ينتفع به ويصله.
وفي الختام، يجوز أن تعتمر في تلك الأيام وفي غيرها ، بل وفي اليوم الواحد أكثر من عمرة، لأن الراجح من اقوال أهل العلم جواز تكرار العمرة في السنة الواحدة. والله أعلم.