يعد الإعجاز العددي في القرآن الكريم من المواضيع المثيرة للاهتمام، حيث يبحث الباحثون عن العلاقات الرقمية والمتساويات العدديّة في النص القرآني. ومع ذلك، يجب أن نكون حذرين عند دراسة هذا الموضوع، إذ توجد ضوابط محددة يجب الالتزام بها لضمان صحة ودقة هذه الدراسات.
أولاً، يجب أن يوافق الإعجاز العددي الرسم القرآني، أي أن يكون متوافقًا مع النصوص القرآنية كما وردت في المصحف الشريف. ثانيًا، يجب أن يستند إلى طرق إحصائية علمية دقيقة، دون أي تدليس أو تحريف. ثالثًا، يجب أن يأخذ بعين الاعتبار القراءات المتواترة ويبتعد عن القراءات الشاذة. رابعًا، لا ينبغي أن يغيب عن الباحث الغاية من إنزال القرآن الكريم، فهو كتاب هداية وإرشاد وليس كتابًا في العلوم الكونية أو الحوادث الغيبية. خامسًا، يجب الالتزام بركني الإعجاز العددي: أن يكون الأمر معجزًا بحيث يعجز البشر عن الإتيان بمثله، وأن يكون مرتكزًا على الأرقام والأعداد.
ومع ذلك، هناك العديد من الأمثلة على دراسات غير ملتزمة بهذه الضوابط. على سبيل المثال، بعض الدراسات التي تدعي تساوي ذكر الرجل والمرأة أو الدنيا والآخرة أو الملائكة والشياطين في القرآن الكريم. هذه الأمثلة قد تكون صحيحة من حيث العدد، لكنها ليست أمورًا معجزًا لا يستطيع البشر الإتيان بمثلها. فمثلاً، يمكن للكاتب أن يؤلف كتابًا يراعي فيه التساوي عند ذكر كلمات معينة، وهو أمر غير معجز ويمكن لأي شخص أن يفعله.
كما أن هناك دراسات تفتقد للقيمة العلمية والعملية، مثل القول بأن سورة النمل تبدأ بحرف "طس" وأن حرف الطاء تكرر في السورة 27 مرة (ترتيب السورة في المصحف) وحرف السين تكرر 93 مرة (عدد آيات السورة). هذا المثال صحيح من حيث العدد، لكنه لا يضيف قيمة علمية أو عملية.
في الختام، يجب على الباحثين في مجال الإعجاز العددي أن يكونوا حذرين وأن يتبعوا الضوابط المذكورة أعلاه لضمان صحة ودقة دراساتهم.