الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
زواج القاصرات هو موضوع حساس ومثير للجدل في المجتمعات الإسلامية، حيث يختلف الرأي بين الفقهاء والمفكرين حول مدى مشروعية هذا النوع من الزواج. في هذا المقال، سنستعرض الآراء المختلفة حول حكم زواج القاصرات في الإسلام، مستندين إلى النصوص الشرعية والأدلة الفقهية.
يُعرّف زواج القاصرات بأنه زواج الفتاة قبل بلوغها سن الرشد، والذي يختلف باختلاف المذاهب الفقهية. ففي المذهب الحنفي، يعتبر البلوغ هو بداية الحيض، بينما في المذهب المالكي، يعتبر البلوغ هو إكمال خمس عشرة سنة. أما في المذهب الشافعي والحنبلي، فيعتبر البلوغ هو إكمال تسع عشرة سنة.
من الناحية الشرعية، هناك أدلة تدعم مشروعية زواج القاصرات، مثل قول الله تعالى في سورة النساء: "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا" (النساء: 3). كما وردت أحاديث نبوية تدعم هذا الرأي، مثل حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أُذن لي أن أفتدي ابنَيَّ بسبع بقراتٍ عجمٍ وثلاث بقراتٍ أعجازٍ".
ومع ذلك، هناك أيضًا أدلة ترفض مشروعية زواج القاصرات، مستندة إلى مصلحة الفتاة وحقوقها. ففي الحديث النبوي الشريف: "لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن"، يشير النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهمية موافقة الفتاة على الزواج. بالإضافة إلى ذلك، يرى بعض الفقهاء أن زواج القاصرات قد يؤدي إلى ضرر جسدي ونفسي للفتاة، خاصة إذا لم تكن مستعدة جسدياً ونفسياً للزواج.
في النهاية، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن زواج القاصرات هو قضية معقدة تتطلب دراسة متأنية لكل حالة على حدة. يجب أن ننظر إلى مصلحة الفتاة أولاً، وأن نضمن حصولها على الرعاية والتعليم المناسبين قبل الزواج. كما يجب أن نأخذ في الاعتبار ثقافة المجتمع وقيمه عند اتخاذ القرارات المتعلقة بزواج القاصرات.
وفي الختام، يجب أن نذكر أن الإسلام دين رحمة ويسر، وأن هدف الزواج هو تحقيق السعادة والاستقرار للطرفين. لذلك، يجب أن نحرص على اتخاذ القرارات الصحيحة التي