اختلاف الآراء حول أول مخلوق عند الله يعود أساساً إلى الاجتهاد الديني والعلمي. رغم عدم وجود دليل صريح في الكتاب والسنة يفصح تحديدياً عن هذا الأمر, إلا أن العديد من العلماء قد حاولوا رصد التسلسل الزمني للأحداث وفقا للنصوص المقدسة. يمكن تصنيف تلك المحاولات إلى قسمين رئيسيين بناءً على مدى الاعتبار العلمي لها:

1. الأقوال المعروفة والمعترف بها:

• *العرش:* رجحت مجموعة من العلماء، منهم ابن تيمية وابن القيم, أن العرش كان أول ما خلق الله وذلك استنادًا إلى آيات قرآنية وأحاديث نبوية تدعم هذه الفكرة. يقول القرآن الكريم: "(وكان عرشه على الماء)" (Hud:7). ويذكر حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "(كتب الله المقادير قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة...)"، مما يشير ضمنيًا إلى أن عملية الكتابة بدأت بعد خلق العرش.

• *القلم:* اقترح آخرون أنه القلم الذي تكفله الأحاديث النبوية التي تشير إلى أن أول أمر جاء من الله عندما أمر بالقلم بالكتابة: "(إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب...)." لكن البعض الآخر يناقش بأن إطلاق مصطلح "أول" هنا يوحي فقط بإعطاء وظيفة للقلم وليس بأنه الأول بالمعنى المطلق.

• *الماء:* استند بعض الفقهاء أيضًا على قوله تعالى: "(هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام)..." (Qaf:38), بالإضافة إلى أحاديث مختلفة تؤكد وجود الماء كجزء أساسي من عملية الخلق، ليصلوا لاستنتاج بأن المياه كانت البداية الحقيقية للخلق. كما نقل عن ابن عباس رضوان الله عنه أن الماء هو ما بدأ به الله عمله الخلاقي قبل العرش مباشرة.

1. الأقوال غير المعتمدة علميًا:

وتشمل عدة فرضيات أخرى أقل قبولًا أكاديميًا ودينية والتي تشمل العقل والنبي محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهما. إلا أن الغالبية العظمى من المسلمين يتفقون على أن بحث هذه المسائل ليس ضروريًا للإيمان الصحيح وأن الجهل بها لن يؤثر خلال الحساب الأخروي للشخص حسب قول رب العالمين: "(وما كنت شاهدتهم خلق السماوات والأرض)".

وفي النهاية، فإن فهم طبيعة الأشياء الأولى ومراحل بداية الخلق يبقى جزءًا من التدبر والتأمل في آيات الله عز وجل، وهو مجال للتأمّل والبحث المستمر داخل مجتمع المؤمنين.