تعد روسيا دولة متعددة الثقافات والأديان، حيث يشكل المسلمون أحد أكبر الأقليات الدينية فيها. وفقاً لآخر الإحصائيات الرسمية الروسية، يقدر تعداد المسلمين بحوالي 20 مليون نسمة، مما يعادل حوالي 15% من إجمالي عدد السكان الروسي البالغ أكثر من 144 مليون شخص. هذا الرقم يشير إلى وجود مجتمع مسلم كبير ومتنوع جغرافياً وديمغرافياً داخل البلاد.
يتمركز المجتمع الإسلامي بشكل رئيسي في المناطق الجنوبية الشرقية وشمال القوقاز، بما في ذلك جمهورية داغستان وتترستان والقرم وغيرها من الجمهوريات ذات الأغلبية المسلمة. بالإضافة إلى ذلك، هناك تجمعات كبيرة للمسلمين في المدن الرئيسية مثل موسكو وسانت بطرسبرغ وكازان وغيرها. هذه الانتشار الجغرافي يعكس التاريخ الغني والتفاعل الطويل بين مختلف العرقيات والثقافات الإسلامية التي ساهمت في تشكيل الهوية الوطنية الروسية المتعددة الأعراق.
على الصعيد الديموغرافي، ينتمي غالبية المسلمين في روسيا إلى فئات عمرية شابة نسبيًا مقارنة بالشعب الروسي ككل؛ إذ يُظهر التركيب العمري للمجتمع الإسلامي نسبة أعلى من الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 40 عامًا. وهذا قد يؤثر بدوره على ديناميكيات النمو الديموغرافي للمجتمع ويؤثر أيضًا على بنية سوق العمل المحلية واتجاهات التعليم والصحة العامة.
من الناحية السياسية، لعب المسلمون دوراً غير مباشر ولكن ملحوظ عبر تاريخ روسيا الحديث. فقد قدموا مساهمات مهمة للمجتمع السياسي والاقتصادي خلال فترة الاتحاد السوفيتي وانعزالته الدولية. ومع تحول السياسة الخارجية والاستراتيجيات الحكومية بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، أصبح دور المجتمع المسلم أكثر بروزاً وأصبحت قضايا حقوق الإنسان والحريات الدينية جزءاً أساسياً من الحوار العام حول سياسة الدولة والمجتمع المدني.
ختاماً، فإن فهم خصائص وملامح المجتمع الإسلامي في روسيا له أهميته الأكاديمية والفكرية فضلا عن المستويات العملية المرتبطة بالمستقبل الاقتصادي والاجتماعي للدولة. فأعداد المسلمين الكبيرة تؤكد تنوع الخلفية السكانية واحتياجاتها المتنوعة والتي تستوجب سياسات حكومية مستنيرة تراعي الاحترام المتبادل وتقدم حلولا عملية للعيش المشترك ضمن بوتقة واحدة هي بوتقة الوطن الأم -روسيا-.