تدور أحداث هذه القصة الرائعة خلال العصور الغابرة حينما كانت منطقة الشام تحت حكم الإمبراطورية الرومانية الظالمة التي فرضت عبادة الأوثان على جميع سكانها. وفي ذلك الوقت، عاش مجموعة من الشبان المؤمنين الذين كانوا يرفضون بشدة فكرة عبادتهم لهذه الآلهة الوثنية. وكان هؤلاء الصبية السبعة يتمتعون بحب عميق للإسلام ويتوقون إلى نشر رسالة الحق والخير بين الناس. لكنهم واجهوا مقاومة شرسة ومحاولات قمع مستمرة لإجبارهم على ترك دينهم الحنيف.
لم يستسلم هؤلاء الشباب أبدا لعذابات المحنة وتحديات الحياة اليومية الصعبة. اختاروا طريقا مختلفا تمام الاختلاف وهو الهروب بحثاً عن ملاذ آمن بعيدا عن مطاردات الجور والظلام المنبعثة من حولهم. وبعد مشاورات مكثفة واتخاذ القرار المناسب قرروا الانطلاق نحو غابة جميلة تسمى "الغارية". هنا اكتشفوا كهفا مهجورا ربما يمكن استخدامه كمكان للاختباء والاستراحة مؤقتا قبل مواصلة مسيرة الدعوة والإرشاد الديني للناس وفق ما يعلمه الله تعالى ويوجه إليه قلوب المؤمنين الصادقة. وبفضل حكمة وهبة إلهية خارقة تمكن هؤلاء الفتيان الثقات من جعل مدخل هذا الكهف يظهر بمظهر مغلق أمام العامة وعند اقتراب أولئك المتعصبين لهوياتهم وثنيتهم الضيقة بصورة غير طبيعية مما أدى لتوقف ملاحقاتهم فورياً وظنهم أنه دفن برمال زمن تلك الحقب البعيدة منذ القدم!
أقامت المجموعة الصغيرة داخل دهليز الكهوف فترة طويلة نسبيا قد تمتد لعدة سنين حتى بدأت تغيرات جسدية ملحوظة تحدث لهم بشكل غريب بعض الشيء؛ فقد اتخذ أجسامهم هيئة النوم المسترخِ بعد انقطاع طويل نسبيًا بينما كان واحدٌ منهم فقط هو المسيطر للحفاظ عليهم وعلى صحتهم وصيانة حالته الصحية المثالية رغم مرور الزمان الطويل عليه! وفي النهاية ظهر أمر وجودهم المخفي للعالم الخارجي مجدداً بطرق عجيبة للغاية عندما استولى ملك جديد يحكم ذات المنطقة المُحيطة بالكهوف ولكن بتوجيه آخر وخُلُقٍ أخلاقي نبيل وطيب مقارنة بما سبقه سابقوه الأقوام الملحدة المجرمة الأخرى.. فعندما اقترب واستقصى الأمر أكثر تفاجأنا بأن هناك شخص حي يقظة وحياته لم تنقطع بل إنه ينازع حياة البشر الطبيعية بكل قوة ودينامية مذهلة للغايــة - وهذا يعني استنادا لما علمناه سابقا أنها معجزة أخرى امتنّ بها الرب عز وجل لفئة قليلة ممن أثبتوا إيمانهم الراسخ والتزامهم عمليا تجاه عقيدتهم السمحاء الخالصة النقية كنقائه جل وعلى!!
إن قصتنا الفريدة مليئة بالعبر والدروس المستفاده منها والتي تنفع كل فرد سواءً صغير وكبير تحتاج الى التأمل والحكمة والفكر العميق لاستخلاص المعاني الكبيرة كامنة خلف بساطتها ظاهريًّا اقتصاديًا لغويًا أيضًا إذ تشير لنا كيف بإمكان الإنسان تحقيق الانتصار الداخلي الشخصي ضد المصاعب والصدمات الخارجية عبر التحلي بالإصلاح النفسي والقوة العقائدية داخله ثم الاستعداد للتغيير الثقافي المجتمعي المرغبوب خارجيًا كما ذكر الحديث النبوي رواية مسلم رقم(2914) : "مثل المؤمنين في توادِّهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، تستمد منها القلوب نورانية الاطمئنان والاستقرار النفسى والعمرانى لبنیاتها الاسریّة والمجتمعیة عامةً متوكلين راجين عفوا ومغفرة مولانا الرحيم الرحماني الكريم.