يقع غار حراء، المعروف أيضاً بجبل النور، في أعلى مدينة مكة المكرمة على جبل حراء، الواقع شمال شرق المسجد الحرام. تبعد هذه المنطقة حوالي 4.8 كيلومتر عن مركز المدينة، ويمكن الوصول إليها عبر الطريق الذي يؤدي نحو منى وعرفة. يتميز جبل حراء بارتفاع كبير يصل إلى 261 متر فوق قاعدته و621 متر عن سطح البحر. يعتبر غار حراء نقطة جذب مهمة للمؤمنين بسبب دوره التاريخي والديني الفريد.
يمتلك غار حراء العديد من الخصائص التي جعلته خياراً مثالياً للنبي محمد صلى الله عليه وسلم للتعبّد والخلوة قبل بدء رسالته. يسمح الموقع بإمكانية الاختلاء والتأمّل بينما يبقى القرب من بيت الله الحرام واضحاً. بالإضافة إلى ذلك، فإن صعوبة الوصول إلى الغار كانت عاملاً مهماً في تمكين الرسول الكريم من التأمل لفترة طويلة بدون انقطاع.
وصفاً للغار نفسه، فهو عبارة عن فجوة طبيعية في قمة الجبل ذات شكل يشبه سنام الجمل. باب الغار يقع من الناحية الشمالية وقد استوعب خمسة أشخاص عندما جلسوا داخله. ارتفاع الغار داخل يعادل طول شخص متوسط. ومن الجدير بالذكر أنه يمكن لمن يقف فوق هذا الجبل رؤية مشهد بانورامي لمكة المكرمة والكعبة والبيت الحرام وغيرها من الأبنية والجبال الأخرى مثل جبل ثور.
أما بالنسبة لتسميته، فغار حراء أخذ اسمه مباشرة من اسم الجبل الذي يوجد عليه، والذي عرف لدى سكان مكة منذ القدم باسم "حراء". رغم وجود تسمية أخرى له وهي "النور"، إلا أن التسمية الأصلية هي ما ظلت مستخدمة بشكل شائع حتى يومنا هذا.
في المقارنة بين غار حراء وغار ثور، فإن الأخيرة تمتاز بحجم أكبر وموقع أكثر بعداً جنوب المملكة، مقابل موقع الأول بالقرب منها شمالاً. لكن الرقم المشترك بين الاثنين يكمن في دورهم الكبير في تاريخ الدين الإسلامي والسيرة النبوية الشريفة. فالرسول قد اختار غار حراء لإعداد نفسه روحياً قبل بداية دعوته، بينما احتل غار ثور مكانة خاصة خلال الهجرة النبوية الشهيرة حيث لجئ إليه رفقة أبو بكر رضي الله عنه للهروب من مطاردات مشركي مكة.
وتتجسد أهمية غار حراء في كونها موقع نزول الوحي لأول مرة عندما خاطب الملك جبريل رسول الله قائلاً: "اقرأ باسم ربك الذي خلق". هنا بدأ تكريم النبي ودوره المحوري باعتباره معلم البشرية الأخير وفق العقيدة الإسلامية.