الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه. أما بعد:
يعد مس المصحف من الأمور التي لها أحكام خاصة في الشريعة الإسلامية، خاصة بالنسبة للحائض. وقد اختلف الفقهاء في حكم مس الحائض للمصحف، سواء كان كاملاً أو مجزأً.
يقول الله تعالى في سورة الواقعة: "لا يمسه إلا المطهرون" [الواقعة: 79]. وهذا يدل على أن المصحف لا يمس إلا من هو طاهر. كما ورد في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: "أن لا يمس القرآن إلا طاهر". رواه مالك والحاكم والدارقطني، وفي لفظ: "إلا وأنت على طهر".
وقد رخَّصَ بعض أهل العلم للحائض في مس المصحف كاملاً أو مجزأً إن احتاجت إليه لتعلم أو تعليم، لأن حدثها لا يرتفع إلا بانقطاعه، بخلاف غيرها ممن يستطيع رفع حدثه كالجنب. ويكون مسها له -والحالة هذه- بحائل أو بعود طاهرين.
أما مس المصحف بحائل، فقد اختلف الفقهاء فيه. فالمالكية والشافعية يقولون بالتحريم مطلقا ولو كان بحائل. والصحيح عند الحنابلة جواز مس المصحف للمحدث بحائل مما لا يتبعه في البيع ككيس وكم، لأن النهي إنما ورد عن مسه، ومع الحائل إنما يكون المس للحائل دون المصحف. ومثله ما عند الحنفية حيث فرقوا بين الحائل المنفصل والمتصل.
وفيما يتعلق بمس كتب التفسير، يجوز للمحدث - حدثا أصغر أو أكبر - أن يمس كتب التفسير، في قول جمهور الفقهاء، إلا أن منهم من قيد ذلك بكون ما فيه من التفسير أكثر مما فيه من القرآن، ومنهم من لم يشترط ذلك.
وفي الختام، يجب على الحائض أن تتجنب مس المصحف مباشرة، وأن تستعمل المعاريض في المواقف التي تشعر فيها بالحرج لو عُلِمَ أنك حائض. كما يجب عليها أن تلتزم بالطهارة عند الصلاة، وأن تتوب إلى الله تعالى إن صلت بغير طهارة.