الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
اختلف العلماء في تحديد السنة التي فرض فيها الحج، حيث ذهب بعضهم إلى أنها فرضت في السنة السادسة من الهجرة، مستندين إلى نزول آية "وأتموا الحج والعمرة لله" في غزوة الحديبية التي وقعت في السنة السادسة. بينما يرى آخرون أنها فرضت في السنة السابعة أو الثامنة أو التاسعة أو العاشرة.
ومع ذلك، فإن أقرب الأقوال إلى الصواب هو القول بأن الحج فرض في السنة التاسعة من الهجرة، وذلك استنادًا إلى نزول آية وجوب الحج في صدر سورة آل عمران، والتي نزلت عام الوفود أواخر السنة التاسعة. وقد أكدت هذه الآية وجوب الحج على المسلمين الذين يستطيعون الوصول إليه.
وقد أرجأ النبي صلى الله عليه وسلم أداء فريضة الحج في السنة التاسعة لأسباب عدة، منها كثرة الوفود عليه في تلك السنة، مما جعله مشغولاً بتوجيههم وتعليمهم أمور دينهم. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يؤخر الحج حتى يتمحض حجه للمسلمين فقط، حيث كان المشركون يحجون قبل الفتح، فأراد أن يمنعهم من ذلك.
وفي السنة العاشرة من الهجرة، أدى النبي صلى الله عليه وسلم فريضة الحج في حجة الوداع، حيث بين مناسك الحج بتمامها ليكون ذلك هدىً للمؤمنين.
وبالتالي، فإن فرض الحج كان في السنة التاسعة من الهجرة، ولم يفرضه الله تعالى قبل ذلك؛ لأن فرضه قبل ذلك ينافي الحكمة، وذلك أن قريشاً منعت الرسول صلى الله عليه وسلم من العمرة فمن الممكن والمتوقع أن تمنعه من الحج، ومكة قبل الفتح بلاد كفر، ولكن تحررت من الكفر بعد الفتح، وصار إيجاب الحج على الناس موافقاً للحكمة.
والله أعلم.