قصة قوم ثمود هي واحدة من أشهر قصص القرآن الكريم التي تحكي مآسي الأمم البائدة التي عصت ربها وكذبت رسله. هؤلاء الناس كانوا يعيشون في منطقة الشمال الشرقي لسوريا الحالية، المعروفة الآن باسم الأردن وفلسطين الشمالية. وكانوا معروفين بزراعتهم للنجد والحجارة الكبيرة التي استخدموها لبناء مساكنهم الشهيرة والتي تُعرف بالعموديات.
أرسل الله إلى هذه القبيلة نبياً اسمه صالح عليه السلام ليدعوهم إلى توحيد الله وترك عبادة الأصنام. ومع ذلك، بدلاً من الاستجابة لدعاة الحق، رفض قوم ثمود الإنصات واتخذوا موقفاً عدائياً تجاه النبي صالح ودعوته. طلب منهم صالح دليلاً على صدقه فأخبرهم بإخراج ناقة كبيرة حية من الصخرة كمعجزة تؤكد دعوته. وبفعل تلك العلامة الربانية خرجت الناقة بالفعل من الصخرة كما أمر الله تعالى.
رغم هذا العرض الواضح للعجب الإلهي، لم يستسلم قوم ثمود للأمر الواقع واستمروا في سخطهم وغضبهم ضد الناقة. لقد اعتبروها مصدر تهديد لأرزاقهم وظنوا أنها ستأكل زرعهم وثمارهم. وفي غمرة غضبهم الجماعي، قرروا قتل الناقة بطريقة بشعة عبر ضربها حتى الموت بحجر ضخم. كانت هذه الفعلة انتهاكاً واضحاً للحرمات الربانية وقدراً مقدراً للإنسان بأن يعرف حدوده أمام قدرة الخالق عز وجل.
نتيجة لذلك، جاء يوم القيامة عليهم كما وعد الرسول صالح قبلهم. هوت صيحة مدوية من السماء مصاحبة لصاعقة شديدة أدّت لتدمير مدينة عاد تمامًا وقتل جميع سكانها خلال لحظة فورية مفاجئة وغير متوقعة. يُذكر أنه رغم اتخاذ بعض الأشخاص قرار ترك المدينة قبل الحدث الرهيب إلا إن المصير نفسه حل بهم لاحقاً نتيجة لعزائهم وطاعة لهم للمشركين السابق ذكرهم مما يدل على عدم وجود فرار ولا ملاذ لمن يعاند ويتحدى إرادة الله وحكماته جل وعلا.
بهذا الانتقام الإلهي المؤثر فقد انتهى حكم وتاريخ شعب عاش يوماً ما مغروراً بمكانة عالية ومقدرة عظيمة لكن جبروت الذات البشرية سرعان ما تبددت كالرمال المتحركة عند مواجهة قوة الطبيعة والقوانين الروحية المقدسة المنظمة لهذا العالم وما فيه. إنها درس عميق لكل قرن وكل عصر حول أهمية الطاعة والتوجه نحو طريق التقوى والإيمان الحقيقي الواحد المدعوم بتعاليم سماوية صادقة محضة صادرة فقط عن خالق الأكوان ذاته سبحانه وتعالى وحده لا شريك له .