كان النبي زكريا بن برخيلا بن عزر بن هارون بن عمران من سلالة الأنبياء العظماء الذين اختارهم الله تعالى لنشر رسالاته وتبيان طريق الهداية للإنسانية. عاش زكريا في فترة كانت مليئة بالارتياب والتطرف الديني، حيث أصبح دين إبراهيم - أبي الأنبياء - مهدداً بالإبادة بسبب عبادة الأوثان المنتشرة بكثرة. ومع ذلك، ظل زكريا متمسكاً بدينه الحق وهو ينتظر الفرج والنصر من عند الله عز وجل.
ولد زكريا لوالدين صالحين وكان له أخ يدعى يحيى والذي سيصبح فيما بعد أحد أهم الشخصيات النبوية أيضاً. نشأ زكريا وسط بيئة دينية عميقة الجذور، مما أثّر بشكل كبير على شخصيته منذ نعومة أظافره حتى بلوغه مرحلة الرجولة. كان معروفاً بحُسن خلقه ودماثة طباعه بالإضافة إلى علمه الواسع وحكمته التي ميزّته بين الناس.
عمل زكريا كاهنًا بين قومه يسهر على أداء وظائفه الدينية بكل تفاني وإخلاص. وفي يوم من الأيام، بينما كان يؤدي شعائر الصلاة، رفع يديه إلى السماء داعياً ربّه بأن يكرمه بولادة طفل مبارك رغم تقدمه في العمر وعدم وجود زوجة لديه آنذاك. استجاب الله دعائه ووعده بمولود سيكون خير خلف لأبيه.
بعد سنوات قليلة، رزق الله زكريا بارسال جبريل ليخبره بخبر مولوده المنتظر؛ يحيى بن زكريا. جاء هذا الخبر فرحةً كبيرة للنبي القدير وزوجته القادمة إلي حياة جديدة مع ابنها المبارك الذي سينمو ويكبر تحت رعاية أبويه عاشقين للحق ومتمسكين بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
استمر نبي الله زكريا في خدماته الدينية ونشر تعاليم الوحدانية بين أفراد مجتمعه، مستمدًّا قوة وعزيمة من معرفته الإلهية وثباته أمام الشدائد والصعوبات المتنوعة التي واجهتها حياته خلال مساره الرسالي الطويل والمكلل بالنصر والإنجازات الروحية والفكرية الباهرة والتي خلدها التاريخ ضمن أساطيره الإنسانية والدينية المجيدة عبر الزمن المختلفة والأجيال المتتابعة..