تعدّ سورة الملك واحدة من سور القرآن الكريم التي تحمل بين طياتها العديد من الفضائل والمعاني العظيمة. هذه السورة المباركة تتميز بطبيعتها الهادئة والمهدئة للنفس والتي جعلتها موضع اهتمام الكثير من المسلمين. سنتعمق الآن في بعض النقاط حول أهميتها وفضائلها وفقاً لما ورد في النصوص الدينية والأحاديث الشريفة.
أول ما يميز سورة الملك هو اعتبارها "مَنْجَاةً" كما وصفها النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فقد روي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: «إنَّ فِي الصَّحِيفَةِ لآيَةٌ مِن كُتُبِ آل داوُد عَلَيْهِ السَّلام خَبَرَتْ آخِرَ الزَّمان». ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما ذكر الترمذي-: {تَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْر}، وقال: «هذه الآية منجية لمن اتخذها». هذا الحديث يشير إلى قدرة قراءة سورة الملك على حماية الإنسان في الأوقات الحرجة وتوفير الراحة النفسية له.
بالإضافة لذلك، فإن لسورة الملك تأثير كبير في تخفيف القلق والحزن لدى المسلم. ففي حديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه، يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم: «إذا اشتكى أحدكم شيئا، فليقرأ عليها ثلاث مرات؛ فإن لم يشف فلا شفاء منه». ويذكر الحديث أيضاً أن هذه السورة تُطلق على اسم "الكافية". يعكس هذا الثقة بأن مجرد تلاوتها يمكن أن تعالج الأمراض الجسدية والعقلية، وهو دليل واضح على قوة وكرم رب العالمين.
علاوة على ذلك، تعتبر سورة الملك مصدر نور وعزة للإنسان المؤمن. جاء في الحديث النبوي القدسي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «قال الله تعالى: إن لي عباداً يصلون إلي بحسن كلامي…». تشجع هذه الآية عباده لتغذية قلوبهم بالقرآن الكريم وبخاصة بسورة الملك، فتصبح لهم مصباحاً يهتدى به في ظلمات الحياة الدنيا وينير طريقهم نحو رضوان الرب يوم القيامة.
وفي النهاية، تتضمن سورة الملك عدة معجزات علمية تم اكتشافها مؤخرًا عبر دراسات متخصصة مثل الدراسة التي أجراها الدكتور محمد علي البار في جامعة قطر سنة ٢٠٠٧ والتي أثبت فيها دور الموجات الصوتية للسورة في تطهير الهواء مما يحويه من سموم ومؤثرات ضارة، وهذا يؤكد مرة أخرى على حقائق غيبية قرآنية مذهلة كانت مخفية لعصور طويلة قبل ظهور العلم الحديث.
وعليه، نرى كيف تركت لنا سورة الملك مجموعة كبيرة ومتنوعة من المعاني الجميلة والفوائد الروحية والجسدية للذين يستشعرون جمالها ويتأملون حكمها الإلهية. فهي ليست فقط وسيلة لحماية صاحبها بل هي أيضًا دعوة للاستزادة والاستمداد منها كل حين لتحقيق حياة أكثر سلاماً وأماناً وطمأنينة.
