• صاحب المنشور: نادية الزناتي
  
  ملخص النقاش:
  التطور الرقمي الذي شهدناه خلال العقود القليلة الماضية كان له تأثير عميق على العديد من جوانب حياتنا اليومية، بما في ذلك طريقة تواصلنا وتفاعلنا مع الآخرين. هذا التأثير ليس محايدًا؛ فهو يمتد إلى مستوى العلاقات الشخصية والعائلية والاجتماعية بطرق متنوعة ومختلطة.

من جهة، توفر التكنولوجيا وسائل جديدة للتواصل يمكن أن تقرب المسافات بين الأشخاص الذين قد يكونون بعيدين جغرافيًا. خدمات الرسائل الفورية والتطبيقات الصوتية والفيديو مثل Zoom أو Skype أو WhatsApp تسمح للمستخدمين بالمحادثة بصرياً وشعوريًا كما لو كانوا يجلسون وجهًا لوجه حتى وإن كانت هناك آلاف الأميال تفصل بينهما جغرافياً. بالإضافة لذلك، فإن المنصات الاجتماعية كالفيسبوك والتويتر وغيرها تقدم فرص التواصل الاجتماعي الواسع والمباشر والتي لم تكن ممكنة قبل عصر الإنترنت.

لكن من ناحية أخرى، هناك مخاطر محتملة مرتبطة باستهلاك الوقت الزائد عبر الشاشات الإلكترونية والذي يؤدي غالبًا إلى التقليل من الجودة النوعية للوقت الحقيقي الذي يتم قضاؤه برفقة الأهل والأصدقاء. فقدان اللمسة الإنسانية - عناق فعلي، صوت شخص آخر، نظرة عين لأخرى مباشرة - كل هذه العناصر التي تعتبر أساسيات في بناء الروابط الاجتماعية والعاطفية قد تتضاءل بسبب الاعتماد الكبير على العالم الرقمي. الدراسات الحديثة تشير أيضاً إلى زيادة حالات الاكتئاب والقلق المرتبطة باستخدام الهاتف الذكي لساعات طويلة يومياً.

كما أنه رغم القدرة على الوصول إلى أكبر عدد من الناس عبر الوسائط الاجتماعية، إلا أنها قد تدفع البعض نحو الشعور بالعزلة والحسرة نتيجة المقارنة المستمرة بالحياة الظاهرية المثالية للأشخاص الآخرين مما يخلق شعورا بالنقص وعدم الكفاءة الذاتيه. بالإضافة لذلك, القصص الخيالية الناجحة التي يتم تقديمها كجزء من الحياة العامة عبر الانترنت ليست دائما حقيقية وقد تؤثر سلبا على الصحة النفسية للشباب والشابات خاصة عندما يتعلق الأمر بالمظاهر والتوقعات غير الواقعية.

وفي نهاية المطاف, يبدو واضحًا ان التوازن هو الحل الأمثل لهذه المعضلات. استخدام التكنولوجيا بكثافة شديدة بدون رقابة يمكن أن يشكل خطرًا كبيرًا على نوعية حياة الإنسان وكيف يتم التعامل معه اجتماعيا وعائليا وعاطفيا. وبالتالي، من الضروری أن نتعامل بحذر واحترام مع كل جانب من جوانب هذه الثورة الرقمية الجديدة وأن نتخذ القرار المناسب بشأن كيفية استخدامنا لها للحفاظ على تماسك مجتمعنا وثرائته الثقافية والعلاقات الإنسانية الملزمة رابطتنا ببعضنا البعض.