في العصر الرقمي، شهد العالم تحولاً كبيراً في كيفية تفاعل الناس مع الأحداث والقضايا السياسية والاجتماعية. وقد كان للرأي العام العربي نصيبٌ خاصٌّ في هذا
- صاحب المنشور: None
ملخص النقاش:
في العصر الرقمي، شهد العالم تحولاً كبيراً في كيفية تفاعل الناس مع الأحداث والقضايا السياسية والاجتماعية. وقد كان للرأي العام العربي نصيبٌ خاصٌّ في هذا التحول، حيث لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً محورياً في تشكيل وتوجيه آراء الأفراد والمجموعات. ومن خلال هذه المنصات، يمكن للمستخدمين تبادل وجهات نظرهم ومناقشة القضايا الحيوية بسرعة وسهولة غير مسبوقتين.
من ناحية، سلطت شبكات التواصل الضوء على نقاط ضعف النظام السياسي التقليدي وأظهرت مدى عدم تمثيله لمطالب الجماهير. فالحركات الاحتجاجية التي اندلعت بعد الثورات العربية عام ٢٠١١ كانت مدفوعة جزئياً بالتعبئة الإلكترونية عبر الفيسبوك وتويتر وغيرهما. لكن الجانب السلبي يظهر أيضاً؛ إذ أدى استخدام بعض الدول لأدوات رقابة الإنترنت إلى قمع الأصوات المعارضة وإجهاض حوار مجتمعي بنّاء.
بالإضافة لذلك، أثرت الأزمات الكبرى - مثل جائحة كورونا والحروب الإقليمية – بشكل جوهري على توجهات الجمهور العربي تجاه القضايا المحلية والدولية. فعلى سبيل المثال، عزز وباء كوفيد-19 أهمية الوعي الصحي والوقاية الشخصية لدى المواطنين العرب، مما دفع العديد منهم لتغيير موقفهم بشأن اتخاذ التدابير الوقائية الحكومية. كذلك أعادت الحرب الدائرة منذ سنوات عديدة بين إسرائيل والفلسطينيين تركيز الشعوب العربية حول قضيتها الوطنية المركزية، مما خلق حالة جديدة ومتجددة من التعاطف والإدانة الدولية ضد الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني المحتل.
وفي حين توفر لنا التكنولوجيا الحديثة فرصة فريدة للحصول على المعلومات والتواصل الفعال، إلا أنها تحمل أيضًا مخاطر كبيرة تتعلق بالمعلومات الخاطئة والتضليل الإعلامي الذي قد يشكل تهديدا مباشرا لاستقرار المجتمعات ويضر بمصداقيتنا الأخلاقية وقيمنا الإنسانية المشتركة. ولذلك يتطلب الأمر نهجا متوازنا يعترف بتأثيرات الوسائل الجديدة ويعمل على تعزيز حرية التعبير المسؤولة وتعزيز قدرتنا جميعا كمواطنين مسؤولين ومستنيرين قادرين على تمييز الحقائق الباطلة عن الصحيح منها. إن فهم ديناميكيات تأثير التواصل الاجتماعي والأزمات العالمية سيظل مفتاح رئيس لبناء مستقبل أكثر سلاما وديمقراطيا للدول العربية والعالم بأجمعه.