يتمتع مرحلة الطفولة بموقع استراتيجي حاسم في رحلة الحياة البشرية، حيث يشهد الطفل تغييرات فسيولوجية ونفسية واجتماعية سريعة وثابتة. يهدف هذا المقال إلى تقديم تحليل شامل ومدروس لتلك الخصائص التي تميز عملية النمو هذه.
في السنوات الأولى من حياة الإنسان، تمر خلية واحدة بسيطة هي الزيجوت بتحولات معقدة لتحولها إلى كائن بشري ناضج قادر على التفكير والإدراك والعاطفة والتفاعل الاجتماعي. تبدأ الرحلة داخل الرحم حيث يستمر نمو الجنين بوتيرة مذهلة، ويتطور جسمه وأعضائه الحيوية خلال الأشهر التسعة التالية. بعد ولادة الطفل مباشرة، تستمر العملية بالسرعة نفسها تقريبًا حتى سن السنتين والنصف تقريبًا. خلال هذه الفترة المبكرة جدًا، يؤدي دمج العناصر الغذائية والمغذيات بشكل فعال ودقيق إلى زيادة كبيرة في طول القامة وخزانة العظام المتنامية بسرعة. كما تساهم نشاطات الدماغ المستمرة في بناء خلايا عصبية جديدة وتقوية الروابط بين الخلايا الموجودة بالفعل؛ مما يعزز القدرات المعرفية مثل الذاكرة والحكم البصري وغيرهما كثير.
وبحلول السنة الثانية، يدخل الطفل طور "الطفل الصغير"، وهو وقت متفرد يتميز بفورة اجتماعية هائلة تشمل قدرته على التواصل أكثر واتخاذ خطوات أولى نحو الاستقلال عن الأم والأب. ومع ذلك، فإن آليات التعليم ذات التأثير الكبير تلعب دور المحرك الرئيسي لهذه التحولات الجديدة. فعلى سبيل المثال، عندما تعلم الأبوان الطفل كيفية المشي والكلام والصحة الشخصية، فهو يعمل أيضًا على تعزيز الثقة بالنفس والشجاعة للتعبير عن الذات والاستقلال تدريجيًّا أثناء خوض تلك التجربة الاجتماعية المثيرة للأحداث اليومية المعتادة. وفي الوقت ذاته، تكون مخارج اللغة وفروقات الطباع واضحة للعيان بينما تستقر شخصية كل طفل واستقلاليته الخاصة به شيئًا فشيئًا وفق إيقاع نموه الخاص.
ومن الجدير بالملاحظة أنه ليست جميع جوانب التعلم والتكيُّف مرتبطة بإطار زمني ثابت واحد وعالمي المفعول لكل الأطفال حول العالم. إذ يمكن لعوامل عدة بما فيها الوراثة البيئية والثقافية المؤثرة أن تؤثر بطريقة فريدة على سرعات واوقات بدء اكتساب المهارات الرئيسة المختلفة. لذلك، يُعد اتباع نهج فرداني غير مقيد بسقف توقعات جامدة بشأن تقدم مهارة ما أمر ضروري للحفاظ على نظرة صحية ورؤية واقعية لبنية بيئة التدريس التربوية العامة ومبادئها الراسخة منذ القدم. فتحديد الطريق الأنسب لمساعدة هؤلاء الأفراد الشباب الناشئين الذين هم تحت رعايتنا حالياً سواء كان ذكوراً أم إناثاً -على تحقيق أحلامهم وتحقيق أهداف حياتهم المعلنة سابقاً سابقاً سيعتمد باستمرار بالإجمال على فهم عميق لحاجتهم الشخصية والفردانية الواسعة الانتشار الآن والتي ستجعل منهم أساسية للمستقبل إن شاء الله .
