إعادة تعريف العمل الاجتماعي: نحو مستقبل أكثر شمولاً واستدامة

في عصر يتسم بتزايد الحاجة إلى التضامن الإنساني والبيئي، أصبح إعادة النظر في مفاهيم وشكل العمل الاجتماعي ضرورة ملحة. هذا القطاع الذي كان تقليدياً ير

- صاحب المنشور: وسن بن عروس

ملخص النقاش:

في عصر يتسم بتزايد الحاجة إلى التضامن الإنساني والبيئي، أصبح إعادة النظر في مفاهيم وشكل العمل الاجتماعي ضرورة ملحة. هذا القطاع الذي كان تقليدياً يركز على المساعدة قصيرة المدى للفقراء والمحتاجين، بحاجة اليوم إلى توسيع نطاقاته ليصبح استراتيجياً طويل الأمد يدعم التنمية المستدامة وينشر الوعي حول القضايا العالمية مثل تغير المناخ وإنعدام العدالة الاجتماعية.

أولاً، يجب تحديث المنظور التقليدي للعمل الاجتماعي. بدلاً من تقديم الدعم الطارئ للمتضررين، يمكن لهذه المؤسسات أن تلعب دوراً أكبر في الوقاية والتوجيه. فبدلاً من مجرد توزيع الطعام أو الملابس، يمكنها تعزيز التعليم المالي وكيفية إدارة موارد الأسرة بطريقة فعّالة ومستدامة. كما ينبغي تشجيع المجتمعات المحلية على تولي دور أكثر نشاطاً في حل المشاكل التي تواجههم تحت الإشراف والدعم من المتخصصين ذوي الخبرة. وهذا ليس فقط يعزز الشعور بالملكية ولكن أيضا يعزز روح اليقظة والاستعداد لمواجهة أي تحديات جديدة قد تطرأ.

ثانياً، هناك حاجة ماسة لدمج البيئة في خطط العمل الاجتماعي. إن العلاقة بين الفقر والبيئة هي علاقة متبادلة التأثير؛ حيث يؤثر سوء حالة البيئة غالباً على قدرة الناس على الحصول على الغذاء النظيف والمياه الصافية وغيرها من الاحتياجات الأساسية. ومن ثم فإن التركيز على مشاريع الطاقة المتجددة والإدارة المستدامة للأراضي والحفاظ على الموارد الطبيعية سوف يساعد في تحسين الظروف المعيشية للأفراد والشعوب الفقيرة بينما يحافظ أيضاً على كوكبنا للنظام العالمي التالي. هذه الجهود ليست أخلاقياً مناسبة وحدها بل أنها اقتصادياً مجدية كذلك نظرًا لتكاليف الرعاية الصحية المرتفعة الناجمة عن عدم الاستقرار البيئي والاقتصادي غير المستدام.

وأخيراً وليس آخراً، يجب إعادة النظر في كيفية قياس نجاح البرامج الاجتماعية. بدلاً من الاعتماد فقط على المقاييس الكمية مثل عدد الأشخاص الذين تم مساعدتهم مباشرة، يجب تضمين مؤشرات النوعية والتي تتضمن مدى تأثير البرنامج على المجتمع بشكل عام وعلى القرارات المتخذة محليا بشأن القضايا الاجتماعية والثقافية والبيئية. فهذه المؤشرات ستوفر صورة أكثر شمولا عن مدى الفائدة طويلة الأجل التي يجلبها البرنامج وستساهم أيضا في تحديد نقاط التحسن المحتملة للمستقبل.

مستقبل شامل ومتكامل

مع كل هذه الخطوات العلاجية، سيصبح العمل الاجتماعي جزءاً أساسياً من عملية التعافي الشاملة - سواء كانت اجتماعية أم بيئية أم ثقافية. إنه طريق طويل لكنه ممكن تماما إذا اتبعناه بخطة واضحة ورؤية مستقبلية. فالعمل الاجتماعي عندما يُدار بصورة صحيحة لن يساهم فقط في تخفيف معاناة الأفراد الآن ولكنه سيبني مجتمعات أقوى وأكثر مرونة قادرة على مواجهة التحديات المستقبلية بثقة واقتدار.


عبدالناصر البصري

16577 مدونة المشاركات

التعليقات