في سورة الفاتحة، ندعو سبحانه وتعالى قائلين: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ"، وهي دعوة عامة لهداية الطريق القويم. ومع ذلك، نتابع بتوضيح هذا الطلب بشكل أكبر: "صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ". قد يبدو الأمر وكأننا نعيد التأكيد على أمر معروف لدى الرب، ولكنه في الواقع خطوة مهمة توضح أسرار دعائنا.
أولا، إن ذكر "صراط الذين أنعمت عليهم" يساعدنا على التركيز على الطبيعة الخاصة لهذا المسار الدقيق. إنها ليست مجرد أي طريق مستقيم، ولكنها مسيرة أولئك الذين استحقوا نعم الله الكبيرة - الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون. هذا التحديد يدفعنا نحو رؤية أعلى وأكثر وضوحاً لهدفنا.
ثانياً، يُظهر لنا اختيار هذا الوصف تحديدا مدى رفضنا للمتأرجحين والمضللين. عندما نقول "غير المغضوب عليهم ولا الضالين"، نحن نعلن تمسكنا بالعزة التي يتمتع بها أولئك الذين اختارهم الله ونبرأنا من حالة اليهود والنصارى المعروفة بالإسلام باسم "المغضوب عليهم" و"الضالين". بهذه الطريقة، تصبح دعوتنا بمثابة عقيدة تؤكد علاقتنا بالأفضل وإدانة ضد الخطايا المرتبطة بالحياة الروحية المشوشة.
بالإضافة إلى ذلك، يحتوي استخدام "البدل" أو "عطف البيان" في النص القرآني على قيمة معنوية هائلة. إنه يشجع القلوب البشرية الرقيقة على الاستماع والتفاعل بنشاط مع الرسالة. عند فتح الباب أمام المزيد من المعلومات حول هديتنا المرغوبة، تصبح قلوبنا أكثر تلقيًا وانفتاحًا لاستقبال نور البركة هذا.
وفي النهاية، يجب علينا أن نفهم أن معرفة الله توقيفية ولا تحتاج لإعادة اكتشافها من قبل البشر. إلا أن السياق التاريخي والثقافي للدين الإسلامي يقوده لتقديم الأمور بوضوح حتى يستطيع الجميع الوصول إليها وفهم أهميتها. لذلك يعرض الدين طريقة لعرض نفسه بطريقة يمكن للقارئ المتوسط فهمها والاستمتاع بها أيضًا.
والحمد لله رب العالمين!