على الرغم من انتشار استخدام هذا الحديث كثيراً لتشريع الدعاء الجماعي بعد الصلاة، إلا أنه يجب أن نوضح عدة أمور هامة. أولاً، الحديث الذي ذكرناه لم يتم توثيقه بشكل كامل ولا يوجد إسناد ثابت له. لذلك، لا يمكن الاعتماد عليه كدليل شرعي بذاته.
حتى لو افترضنا سلامة نقل هذا الحدث التاريخي، فإن السياق المختلف تمام الاختلاف. هنا، كان الأمر يتعلق بدعاء جماعي عرضي خلال وقت المحنة والصعوبات الناجمة عن فقدان المؤن والمعدات أثناء غزوة بدر. ولم يكن هذا النوع من الدعاء مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بإجراء الصلاة نفسه.
في المقابل، الدعاء الجماعي المنتظم والاستمراري بعد كل صلاة والذي أصبح تقليدًا لدى البعض يُعتبر بدعا في الشرع الإسلامي لأنه يخالف هدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم. وفقًا لتعليمات القرآن الكريم "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ويذكر الله كثيرا" (الأحزاب: 21)، علينا أن نتبع طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وأن نحذوه.
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله شرح هذه النقطة بحكمة قائلاً: "أما اتخاذ اجتماع ثابت ومتكرر كهذا الزمان بعد الزمان بدون سند شرعي مما تميز به المجتمع المسلم فيتشابه بذلك مع الصلوات المفروضة والمعمول بها يومياً... فهذه هي البدعة المقصودة والأحدث." بالتالي، فإن الدعاء الجماعي العرضي نتيجة ظرف خاص كالذي حدث في الغزوة محل الدراسة ليس محل خلاف أو اعتبار باعتباره بدعة. ولكن جعل ذلك جزءاً منتظماً من عبادتنا اليومية يتعارض مع تعاليم الدين الإسلامي.
وفي الختام، ينبغي لنا دائماً الرجوع إلى النصوص الثابتة والسنة المطهرة عند البحث عن الإرشادات والقواعد الإسلامية.