في عالم الأعمال، قد يشعر البعض بالإحباط بسبب ما يعتبرونه بطءًا في عملية الفتوى، خاصة عندما يتعلق الأمر بالمشاريع التي تتطلب قرارات سريعة. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن الفتوى تضبط بميزان الشرع وما ورد من الأدلة وأقوال العلماء. إن تأخر الإجابة ليس عن قصد، بل بسبب كثرة الأسئلة وتراكمها في الموقع.
إن مسألة التشدد في الأجوبة وعدم مرونتها هي وجهة نظر تحتاج إلى تصحيح. فالأمور تضبط بميزان الشرع، وما اقتضى منها ما يوجب تحريمه لغرر فيه أو مفسدة أو أكل لأموال الناس بالباطل، أو خبثه ونجاسته ونحو ذلك فهو محرم مع مراعاة القواعد الشرعية في المصالح والمفاسد والضرورات والحاجات، والأعراف والعادات وسد الذرائع المفضية إلى المحرمات وغيرها من القواعد الشرعية.
ما كان من المعاملات أو الأعيان محرما فلا يؤسف على فواته، والمسلم عليه ضبط حياته بميزان الشرع لا أن يضبط الشرع وفق هواه. فقد قال تعالى: "وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا" (الأحزاب:36). فالخير كله والفلاح كله والسعادة كلها والغنم كله فيما اختاره الله وأذن فيه، والغرم والخسارة والشقاء عياذا بالله فيما حرمه ونهى عنه.
إن رغبتنا في الأمر وحبنا له لايعني كونه الأصلح لنا بل قد يكون فيه الضرر والشر لنا، كما نبهنا سبحانه في قوله: "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم ولا تعلمون" (البقرة:216). وما دام حالنا كذلك فالواجب علينا هو التسليم لما اقتضاه حكم الشارع من التحليل والتحريم، مع اليقين أن مصلحتنا في امتثال ما أمرنا به واجتناب ما نهينا عنه.
في الختام، يجب أن ندرك أن التوازن بين الإسراع في تنفيذ المشاريع والالتزام بالشرع هو مفتاح النجاح الحقيقي. فالتسليم لحكم الشارع هو أساس الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة.