في عصرنا الحالي، غالبًا ما يتم التركيز بشدة على العلاقة بين العقل والجسد، وتحديداً كيف يمكن للحالة الصحية الجسدية التأثير على الرفاهية النفسية. أحد هذه الأمور التي لاقت اهتماماً متزايداً هو تأثير مشاكل الجهاز الهضمي مثل القولون على الصحة النفسية للفرد.
يعد القولون جزءاً أساسياً من جهازنا الهضمي، وهو مسؤول عن امتصاص الماء والمواد المغذية الضرورية من الطعام بعد هضمها. ومع ذلك، عندما يحدث خلل في هذا النظام المعقد، قد ينتج عنه مجموعة متنوعة من الأعراض الجسدية والنفسية. إحدى الحالات الأكثر شيوعاً هي متلازمة القولون العصبي (IBS) والتي تتضمن تشنجات وألم في البطن، الغازات، الانتفاخ، والإسهال أو الإمساك.
الأبحاث العلمية الحديثة توضح بشكل واضح الرابط الوثيق بين صحتهم القولونية والعافية العامة للشخص، بما فيها حالته العاطفية والمعنوية. الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القولون هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والقلق مقارنة بأولئك الذين لديهم قولون سليم وظائفيًّا. يُعتقد بأن السبب الرئيسي لذلك يعود إلى زيادة مستويات هرمونات التوتر المرتبطة بالمشكلات الهضمية المستمرة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشعور الدائم بالأعراض غير المريحة يمكن أن يؤدي إلى ضغط نفسي كبير ويؤثر سلباً على تقدير الفرد لنفسه ومستويات رضاه عن الحياة اليومية.
من الجدير بالذكر أنه بينما يبدو الأمر وكأنه حلقة مفرغة - حيث تؤدي المشكلة البدنية إلى آثار عقلية سلبية ثم تعزز بدورها من تلك الآثار نفسها - إلا أنه هناك بعض الطرق لإدارة كلتا المنظومتين وتحسينهما بالتوازي. يشجع المتخصصون الطبيون الأفراد بتغيير نمط حياتهم لتشجيع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على قدر كافٍ من النوم، وكذلك الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية للتخفيف من القلق والمخاوف بشأن الصحّة جسديّاً ونفسانيّاً معاً.
ختاماً، ثمة ارتباط وثيق بين الصحة الجسدية وحالتنا العقلية والنفسية؛ وبالتالي فإنه عند التعامل مع أي مشكلة صحية محتملة، سواء كانت متعلقة بالقُلُون أم غير ذلك، يجب الأخذ بعين الاعتبار الجانبين الجسمي والعقلي للمرض والتدخل وفق برنامَج علاج شامل شامل لكل منهما لتحقيق نتائج فعالة ومرضية بشكل عام لفترة زمنيه طويلة.
